الإنسان فيه أن يكون حريبا من أشغال الدنيا ومن توزع الخواطر. وقيل الأصل فيه أن محراب البيت صدر المجلس ثم اتخذت المساجد فسمى صدره به، وقيل بل المحراب أصله فى المسجد وهو اسم خص به صدر المجلس، فسمى صدر البيت محرابا تشبيها بمحراب المسجد وكأن هذا أصح قال عز وجل: يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ والحرباء دويبة تتلقى الشمس كأنها تحاربها، والحرباء مسمار تشبيها بالحرباء التي هى دويبة فى الهيئة كقولهم فى مثلها ضبة وكلب تشبيها بالضب والكلب.
(حرث) : الحرث إلقاء البذر فى الأرض وتهيؤها للزرع ويسمى المحروث حرثا، قال اللَّه تعالى: أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ وتصور منه العمارة التي تحصل عنه فى قوله تعالى: مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ، وقد ذكرت فى مكارم الشريعة كون الدنيا محرثا للناس وكونهم حراثا فيها وكيفية حرثهم
وروى «أصدق الأسماء الحارث»
وذلك لتصور معنى الكسب منه،
وروى «احرث فى دنياك لآخرتك»
، وتصور معين التهيج من حرث الأرض فقيل حرثت النار ولما تهيج به النار محرث، ويقال أحرث القرآن أي أكثر تلاوته وحرث ناقته إذا استعملها. وقال معاوية للأنصار: ما فعلت نواضحكم؟
قالوا حرثناها يوم بدر. وقال عز وجل: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وذلك على سبيل التشبيه فبالنساء زرع ما فيه بقاء نوع الإنسان كما أن بالأرض زرع ما به بقاء أشخاصهم، وقوله عز وجل: وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ يتناول الحرثين.
(حرج) : أصل الحرج والحراج مجتمع الشيء وتصور منه ضيق ما بينهما فقيل للضيق حرج وللإثم حرج، وقال تعالى: ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً، وقال عز وجل: وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ وقد حرج صدره، قال تعالى: يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً وقرىء: (حرجا) أي ضيقا بكفره لأن الكفر لا يكاد تسكن إليه النفس لكونه اعتقادا عن ظن، وقيل ضيق بالإسلام كما قال تعالى: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وقوله تعالى: فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ قيل هو نهى، وقيل هو دعاء، وقيل هو حكم منه، نحو: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ والمنحرج والمنحوب المتجنب من الحرج والحوب.