أي هم متلذذون لما روى فى الأخبار الكثيرة فى أرواح الشهداء.
الخامسة: الحياة الأخروية الأبدية وذلك يتوصل إليه بالحياة التي هى العقل والعلم قال اللَّه تعالى: اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ، وقوله:
يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي يعنى بها الحياة الأخروية الدائمة.
والسادسة: الحياة التي يوصف بها الباري فإنه إذا قيل فيه تعالى: هو حى.
فمعناه لا يصح عليه الموت وليس ذلك إلا اللَّه عزّ وجلّ. والحياة باعتبار الدنيا والآخرة ضربان الحياة الدنيا والحياة الآخرة، قال عزّ وجلّ: فَأَمَّا مَنْ طَغى، وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا وقال عز وجل: اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ وقال تعالى: وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتاعٌ أي الأعراض الدنيوية وقال: وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها وقوله تعالى: وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ أي حياة الدنيا، وقوله عز وجل: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى كان يطلب أن يريه الحياة الأخروية المعراة عن شوائب الآفات الدنيوية. وقوله عز وجل: وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ أي يرتدع بالقصاص من يريد الإقدام على القتل فيكون فى ذلك حياة الناس. وقال عز وجل: وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً أي من نجاها من الهلاك وعلى هذا قوله مخبرا عن إبراهيم: رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ- قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ أي: أعفوا فيكون إحياء. والحيوان مقر الحياة ويقال على ضربين، أحدهما: ماله الحاسة، والثاني: ماله البقاء الأبدى وهو المذكور فى قوله عز وجل: وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ وقد نبه بقوله:
لَهِيَ الْحَيَوانُ أن الحيوان الحقيقي السرمدي الذي لا يفنى لا ما يبقى مدة ثم يفنى، وقال بعض أهل اللغة: الحيوان والحياة واحد، وقيل الحيوان ما فيه الحياة والموتان ما ليس فيه الحياة. والحيا المطر لأنه يحيى الأرض بعد موتها، وإلى هذا أشار بقوله تعالى: وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ وقوله تعالى: إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى فقد نبه أنه سماه بذلك من حيث إنه لم تمته الذنوب كما أماتت كثيرا من ولد آدم عليه السلام لا أنه كان يعرف بذلك فقط فإن هذا قليل الفائدة. وقوله عز وجل: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ أي يخرج الإنسان من النطفة، والدجاجة من البيضة، ويخرج النبات من الأرض ويخرج النطفة من الإنسان. وقوله عز وجل: وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها وقوله تعالى: فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ