للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البصر أو بفصل تدركه البصيرة، قال تعالى: فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ- فَالْفارِقاتِ فَرْقاً يعنى الملائكة الذين يفصلون بين الأشياء حسبما أمرهم اللَّه وعلى هذا قوله تعالى: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ وقيل عمر الفاروق رضى اللَّه عنه لكونه فارقا بين الحق والباطل، وقوله تعالى: وَقُرْآناً فَرَقْناهُ أي بينا فيه الأحكام وفصلناه وقيل فرقناه أي أنزلناه مفرقا، والتفريق أصله للتكثير ويقال ذلك فى تشتيت الشمل والكلمة نحو قوله تعالى: يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ-رَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ

وقوله تعالى: لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وقوله تعالى: لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ إنما جاز أن يجعل التفريق منسوبا إلى أحد من حيث إن لفظ أحد يفيد الجمع فى النفي، وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وقرىء فارقوا والفراق والمفارقة تكون بالأبدان أكثر. قال تعالى: هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ وقوله تعالى: وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ أي غلب على قلبه أنه حين مفارقته الدنيا بالموت، وقوله تعالى:

وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ أي يظهرون الإيمان باللَّه ويكفرون بالرسل خلاف ما أمرهم اللَّه به. وقوله تعالى: وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أي آمنوا برسل اللَّه جميعا، والفرقان أبلغ من الفرق لأنه يستعمل فى الفرق بين الحق والباطل وتقديره كتقدير رجل قنعان يقنع به فى الحكم وهو اسم لا مصدر فيما قيل، والفرق يستعمل فى ذلك وفى غيره وقوله تعالى: يَوْمَ الْفُرْقانِ أي اليوم الذي يفرق فيه بين الحق والباطل، والحجة والشبهة وقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً أي نورا وتوفيقا على قلوبكم يفرق بين الحق والباطل، فكان الفرقان هاهنا كالسكينة والروح فى غيره وقوله تعالى:

وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ قيل أريد به يوم بدر فإنه أول يوم فرق فيه بين الحق والباطل، والفرقان كلام اللَّه تعالى، لفرقه بين الحق والباطل فى الاعتقاد والصدق والكذب فى المقال والصالح والطالح فى الأعمال وذلك فى القرآن والتوراة والإنجيل، قال تعالى: وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ- آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ- وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ- تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ- شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ والفرق تفرق القلب من الخوف، واستعمال الفرق فيه كاستعمال الصدع والشق فيه، قال تعالى: وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ ويقال رجل فروق وفروقة وامرأة كذلك ومنه قيل للناقة التي تذهب فى الأرض نادة من وجع المخاض

<<  <  ج: ص:  >  >>