للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٣) أنها سبع لغات، لغة لقريش، ولغة لليمن، ولغة لجرهم، ولغة لهوازن، ولغة لقضاعة، ولغة لتميم، ولغة لطيئ.

(٤) أنها لغة الكعبين: كعب بن عمر، وكعب بن لؤى، ولهما سبع لغات.

وهذا الخبر مسند لابن عباس من طريق آخر غير الطريق الأول الذى روى به خبره السابق.

وهذا الاختلاف فى التعيين لا يضير فى شىء، فثم لغات سبع مفرقة فى القرآن، أخبر الرسول عن جملتها ولم يخبر عن تفصيلها، وكان هذا التفصيل مكان الاجتهاد بين المجتهدين.

وليس معنى الحديث أن كل كلمة تقرأ على سبع لغات، بل اللغات السبع مفرقة، تقرأ قريش بلغتها، وتقرأ هذيل بلغتها، وتقرأ هوازن بلغتها، وتقرأ اليمن بلغتها.

وفى ذلك يقول أبو شامة نقلا عن بعض شيوخه: أنزل القرآن بلسان قريش، ثم أبيح للعرب أن يقرءوه بلغاتهم التى جرت عادتهم باستعمالهم على اختلافهم فى الألفاظ والإعراب «١» .

ويعقب ابن الجوزى على هذه الأحرف السبعة يقول: وأما وجه كونها سبعة أحرف، دون أن لم تكن أقل أو أكثر، فقال الأكثرون: إن أصول قبائل العرب تنتهى إلى سبعة، وإن اللغات الفصحى سبع، وكلاهما دعوى.

وقيل: ليس المراد بالسبعة حقيقة العدد بحيث لا يزيد ولا ينقص، بل المراد السّعة والتيسير، وأنه لا حرج عليهم فى قراءته بما هو فى لغات العرب، من حيث إن الله تعالى أذن لهم فى ذلك.

والعرب يطلقون لفظ السبع والسبعين والسبعمائة ولا يريدون حقيقة العدد بحيث لا يزيد ولا ينقص، بل يريدون الكثرة والمبالغة من غير حصر «٢» .

وكانت هذه اللغات علمها إلى الرسول، قد أحاطه الله بها علما، وحين يقرأ الهذلى بين يديه (عتّى حين) وهو يريد (حتّى حين) «٣» يجيزه، لأنه هكذا يلفظ بها ويستعملها.

وحين يقرأ الأسدى بين يديه (تسود وجوه) «٤» بكسر التاء في «تسود» ، و (ألم أعهد إليكم) «٥» بكسر الهمزة فى «أعهد» يجيزه، لأنه هكذا يلفظ وهكذا يستعمل.

وحين يهمز التّميمى على حين لا يهمز القرشى، يجيزه، لأنه هكذا يلفظ وهكذا يستعمل.


(١) الإتقان (ص: ٤٧) .
(٢) النشر فى القراءات العشر (٢٥- ٢٦) .
(٣) المؤمنون: ٥٤- الصافات: ١٧٤ و ١٧٨- الذاريات: ٤٧.
(٤) آل عمران: ١٠٦.
(٥) يس: ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>