رابعها: أن يكون الاختلاف فى الكلمة بما يغير صورتها فى الكتاب، ولا يغير معناها فى الكلام، نحو قوله تعالى:(إن كانت إلّا صيحة واحدة) يس: ٢٩، و (زقية واحدة) ، و (كالعهن المنفوش) القارعة: ٥، و (كالصّوف) .
خامسها: أن يكون الاختلاف فى الكلمة بما يزيل صورتها ومعناها، نحو قوله تعالى:(وطلع منضود) الواقعة: ٢٩، و (طلح) .
سادسها: أن يكون الاختلاف بالتقديم والتأخير، نحو قوله تعالى:(وجاءت سكرة الموت بالحقّ) ق: ١٩، وفى موضع آخر:(وجاءت سكرة الحقّ بالموت) .
سابعها: أن يكون الاختلاف بالزيادة والنقصان، نحو قوله تعالى:(وما عملت أيديهم) و (وما عملته أيديهم) يس: ٣٥، ونحو قوله:(إنّ الله هو الغنىّ الحميد) لقمان: ٢٦، و (إنّ الله الغنىّ الحميد) .
ثم قال ابن قتيبة:
فإن قال قائل: هذا جائر فى الألفاظ المختلفة إذا كان المعنى واحدا، فهل يجوز أيضا إذا اختلفت المعانى؟
قيل له: الاختلاف نوعان: اختلاف تغاير واختلاف تضادّ.
فاختلاف التضاد لا يجوز، ولست واجده بحمد الله فى شىء من القرآن إلا فى الأمر والنّهى من الناسخ والمنسوخ.
واختلاف التغاير جائز، وذلك مثل قوله:«وادّكر بعد أمّة» أى بعد حين، و «بعد أمه» أى بعد نسيان له، والمعنيان جميعا، وإن اختلفا، صحيحان، لأن ذكر أمر يوسف بعد حين وبعد نسيان له، وكقوله:«إذ تلقّونه بألسنتكم» أى تقبلونه وتقولونه، و «تلقونه» من الولق، وهو الكذب، والمعنيان جميعا، وإن اختلفا، صحيحان، لأنهم قبلوه، وقالوه وهو كذب.
وكقوله:(ربّنا باعد بين أسفارنا) على طريق الدعاء والمسألة، و (ربّنا باعد بين أسفارنا) على جهة الخبر، والمعنيان، وإن اختلفا، صحيحان.
وكقوله:(وأعتدت لهنّ متّكأ) وهو الطعام، و (وأعتدت لهنّ متّكأ) بضم الميم وسكون التاء وفتح الكاف، وهو الأترجّ، فدلت هذه القراءة على معنى ذلك الطعام.