هذه الآية، وفى قوله: وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ لكونه موجدا بكن المذكور فى قوله: إِنَّ مَثَلَ عِيسى الآية. وقيل لاهتداء الناس به كاهتدائهم بكلام اللَّه تعالى، وقيل سمى به لما خصه اللَّه تعالى به فى صغره حيث قال وهو فى مهده:
إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ الآية، وقيل سمى كلمة اللَّه تعالى من حيث إنه صار نبيّا كما سمى النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم- ذِكْراً رَسُولًا وقوله تعالى: وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الآية فالكلمة هاهنا القضية، فكل قضية تسمى كلمة سواء كان ذلك مقالا أو فعالا، ووصفها بالصدق لأنه يقال قول صدق وفعل صدق، وقوله:
وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ إشارة إلى نحو قوله: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ الآية، ونبه بذلك أنه لا تنسخ الشريعة بعد هذا، وقيل إشارة إلى ما قال عليه الصلاة والسلام:«أول ما خلق اللَّه تعالى القلم فقال له اجر بما هو كائن إلى يوم القيامة» وقيل الكلمة هى القرآن وتسميته بكلمة كتسميتهم القصيدة كلمة فذكر أنها تتم وتبقى بحفظ اللَّه تعالى إياها، فعبر عن ذلك بلفظ الماضي تنبيها أن ذلك فى حكم الكائن وإلى هذا المعنى من حفظ القرآن أشار بقوله: فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ الآية، وقيل عنى به ما وعد من الثواب والعقاب، وعلى ذلك قوله تعالى: بَلى وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ وقوله: كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا الآية، وقيل عنى بالكلمات الآيات المعجزات التي اقترحوها فنبه أن ما أرسل من الآيات تام وفيه بلاغ، وقوله تعالى: لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ رد لقولهم: ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا الآية، وقيل أراد بكلمة ربك أحكامه التي حكم بها وبين أنه شرع لعباده ما فيه بلاغ، وقوله: وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وهذه الكلمة فيما قيل هى قوله تعالى: وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ الآية، وقوله: وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً- وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فإشارة إلى ما سبق من حكمه الذي اقتضاه حكمته وأنه لا تبديل لكلماته، وقوله تعالى: وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ أي بحججه التي جعلها اللَّه تعالى لكم عليهم سلطانا مبينا، أي حجة قوية. وقوله تعالى: يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ هو إشارة إلى ما قال: فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ الآية، وذلك أن اللَّه تعالى جعل قول هؤلاء المنافقين: ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ تبديلا لكلام اللَّه تعالى، فنبه أن هؤلاء لا يفعلون وكيف يفعلون وقد علم اللَّه تعالى منهم أن لا يتأتى ذلك منهم، وقد سبق ذلك حكمه. ومكالمة اللَّه تعالى العبد على ضربين، أحدهما: فى الدنيا، والثاني فى