للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن التركيب وبإشارة ببعض الجوارح، وبالكتابة، وقد حمل على ذلك قوله تعالى عن زكريا: فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا فقد قيل رمز وقيل اعتبار وقيل كتب، وعلى هذه الوجوه قوله:

وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وقوله: وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ فذلك بالوسواس المشار إليه بقوله: مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ

وبقوله عليه الصلاة والسلام: «وإن للشيطان لمة الخير»

ويقال للكلمة الإلهية التي تلقى إلى أنبيائه وأوليائه وحي وذلك أضرب حسبما دل عليه قوله: وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً- إلى قوله- بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ وذلك إما برسول مشاهد ترى ذاته ويسمع كلامه كتبليغ جبريل عليه السلام للنبى فى صورة معينة، وإما بسماع كلام من غير معاينة كسماع موسى كلام اللَّه، وإما بإلقاء فى الروع كما

ذكر عليه الصلاة والسلام: «إن روح القدس نفث فى روعى»

، وإما بالإلهام نحو: وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ وإما بتسخير نحو قوله: وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أو بمنام كما

قال عليه الصلاة والسلام: «انقطع الوحى وبقيت المبشرات رؤيا المؤمن فالإلهام والتسخير والمنام»

دل عليه قوله: إِلَّا وَحْياً وسماع الكلام معاينة دل عليه قوله: أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ وتبليغ جبريل فى صورة معينة دل عليه قوله:

أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ وقوله: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ فذلك لمن يدعى شيئا من أنواع ما ذكرناه من الوحى أي نوع ادعاه من غير أن حصل له، وقوله: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ الآية فهذا الوحى هو عام فى جميع أنواعه وذلك أن معرفة وحدانية اللَّه تعالى ومعرفة وجوب عبادته ليست مقصورة على الوحى المختص بأولى العزم من الرسل بل يعرف ذلك بالعقل والإلهام كما يعرف بالسمع. فإذا القصد من الآية تنبيه أنه من المحال أن يكون رسول لا يعرف وحدانية اللَّه ووجوب عبادته، وقوله تعالى: وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ فذلك وحي بوساطة عيسى عليه السلام، وقوله: وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ فذلك وحي إلى الأمم بوساطة الأنبياء. ومن الوحى المختص بالنبي عليه الصلاة والسلام: اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ- إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ- قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ وقوله: وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ فوحيه إلى موسى بوساطة جبريل، ووحيه تعالى إلى هرون بوساطة جبريل وموسى، وقوله: إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>