تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ- وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً فقد قيل عنى به الهداية العامة التي هى العقل وسنة الأنبياء وأمرنا أن نقول ذلك بألسنتنا وإن كان قد فعل ليعطينا بذلك ثوابا كما أمرنا أن نقول اللهم صل على محمد وإن كان قد صلى عليه بقوله:
إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ وقيل إن ذلك دعاء بحفظنا عن استغواء الغواة واستهواء الشهوات، وقيل هو سؤال للتوفيق الموعود به فى قوله: وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وقيل سؤال للهداية إلى الجنة فى الآخرة وقوله عزّ وجلّ: وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فإنه يعنى به من هداه بالتوافق المذكور فى قوله عزّ وجلّ: وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً.
والهدى والهداية فى موضوع اللغة واحد لكن قد خص اللَّه عزّ وجلّ لفظة الهدى بما تولاه وأعطاه واختص هو به دون ما هو إلى الإنسان نحو قوله تعالى:
والاهتداء يختص بما يتحراه الإنسان على طريق الاختيار إما فى الأمور الدنيوية أو الأخروية قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها وقال: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا. ويقال ذلك لطلب الهداية نحو قوله تعالى: وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وقال: فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ- فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا- فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا.
ويقال المهتدى لمن يقتدى بعالم نحو قوله تعالى: أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ تنبيها أنهم لا يعلمون بأنفسهم ولا يقتدون بعالم وقوله تعالى: فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها فإن الاهتداء هاهنا يتناول وجوه الاهتداء من طلب الهداية ومن الاقتداء ومن تحريها، وكذا قوله: وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ وقوله: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى فمعناه ثم أدام طلب الهداية ولم يفتر عن تحريه ولم يرجع إلى المعصية. وقوله: الَّذِينَ إِذا