وهذا الاختصار عند العرب كثير، يقول الوليد بن عقبة، من رجز له:
قلت لها قفى ... فقالت قاف
أى قالت: وقد وقفت، فأومأ بالقاف إلى معنى الوقوف.
وعلى هذا يجعل المفسرون كل حرف من هذه الحروف يشير إلى صفة من صفات الله.
فيقول ابن عباس مثلا فى تفسير قوله تعالى: كهيعص إن الكاف من كاف، والهاء من هاد، والياء من حكيم، والعين من عليم، والصاد من صادق.
هذا مجمل ما ذهب إليه المفسرون القدامى فى معانى هذه الحروف المقطعة وفى كل منها مقنع.
أما ما ذهب إليه المحدثون فى هذا فحسبك ما انتهى إليه «على نصوح الطاهر» فى كتابه «أوائل السور فى القرآن الكريم» . وإليك مجمل ما قال فى خاتمة كتابه:
١- إن أوائل السور تقوم على حساب الجمل.
٢- إنها تبين عدد الآيات المكية أيام كان القرآن يخشى عليه من أعدائه فى مكة من أن يزيدوا فيه أو أن ينقصوا منه، ودليله على ذلك.
(ا) أنها وردت مع تسع وعشرين سورة من سور القرآن.
(ب) من هذه السور سبع وعشرون مكية واثنتان مدنيتان، هما البقرة وآل عمران.
(ح) أن هاتين السورتين المدنيتين نزلتا فى أوائل العهد المدنى، ولم يكن قد استقر أمر المسلمين كثيرا، فهو عهد أشبه بعهد مكة.
(د) أنه حين اشتد أمر المسلمين، وكانت كثرة من القارئين والكاتبين، لم تكن ثمة حروف مقطعة فى فواتح سور.
ولقد تتبع فى كتابه «أوائل السور فى القرآن الكريم» السّور ذات الفواتح، وطابق بين جملها والآيات المكية بها فإذا هو ينتهى إلى رأى شبه قاطع.
هذا مجمل ما للسلف عن المتشابه والمحكم عامة، ثم مجمل ما للسلف والخلف من المحدثين عن الحروف المقطعة فى أوائل السور خاصة.
وتكاد أراء السلف عن الشق الأول تملى تعقيبا، فالآيات الثلاث التى فرعوا عليها أحكامهم تكاد تكون كل آية منها لمعنى قائم بذاته.