واستحباب الترتيل للتدبر، لأنه أقرب إلى الإجلال والتوقير، وأشدّ تأثيرا فى القلب، وثواب قراءة الترتيل أجلّ قدرا، وثواب الكثرة أكثر عددا، لأن بكل حرف عشر حسنات.
وكمال الترتيل تفخيم ألفاظه، والإبانة عن حروفه، وأن لا يدغم حرف فى حرف، وأكمله أن يقرأه على منازله، فإن قرأ تهديدا لفظ به لفظ التهديد، أو تعظيما لفظ به على التعظيم وتسن القراءة بالتدبر والتفهم، فهو المقصود الأعظم والمطلوب الأهم، وبه تنشرح الصدور، وتستنير القلوب، وعليه أن يشغل قلبه بالتفكير فى معنى ما يلفظ به، فيعرف معنى كل آية، ويتأمل الأوامر والنواهى، ويعتقد قبول ذلك، فإن كان مما قصر عنه فيما مضى اعتذر واستغفر، وإذا مرّ بآية رحمة استبشر وسأل، أو عذاب أشفق وتعوّذ، أو تنزيه نزّه وعظم، أو دعاء تضرّع وطلب.
وعن حذيفة قال:«صليت مع النبى صلّى اللَّه عليه وسلم ذات ليلة، فافتتح البقرة فقرأها، ثم النساء فقرأها، ثم آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلا، إذا مرّ بأية فيها تسبيح سبح، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مرّ بتعوّذ تعوّذ» .
وعن عوف بن مالك قال:«قمت مع النبى صلّى اللَّه عليه وسلم ليلة، فقام فقرأ سورة البقرة لا يمرّ بآية رحمة إلا وقف وسأل، ولا يمرّ بآية عذاب إلا وقف وتعوّذ» .