للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك من تسخير الرياح للإنسان، فتضمن الكلام بناء من الفخر وتعداد النعم.

على هذه الأوجه الخمسة تجرى تشبيهات القرآن.

السادس: ينقسم لاعنبار آخر إلى:

مؤكد، وهو ما حذفت فيه الأداة، نحو: وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ، أى مثل مرّ السحاب.

ومرسل، وهو ما لم تحذف.

والمحذوفة الأداة أبلغ، لأنه نزل فيه الثانى منزلة الأول تجوزا.

والأصل دخول أداة التشبيه على المشبه به، وقد تدخل على المشبه، إما لقصد المبالغة، فتقلب التشبيه وتجعل المشبه هو الأصل، نحو: قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا كان الأصل أن يقولوا: إنما الربا مثل البيع، لأن الكلام فى الربا لا فى البيع، فعدلوا عن ذلك وجعلوا الربا أصلا ملحقا به البيع فى الجواز، وأنه الخليق بالحل.

والقاعدة فى المدح تشبيه الأدنى بالأعلى، وفى الذم تشبيه الأعلى بالأدنى، لأن الذم مقام الأدنى، والأعلى طارىء عليه، فيقال فى المدح: الحصى كالياقوت، وفى الذم: ياقوت كالزجاج.

وكذا فى السلب، ومنه: يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ، أى فى النزول لا فى العلوّ.

زوج المجاز بالتشبيه فتولد بينهما الاستعارة، فهى مجاز علاقته المشابهة، وهى اللفظ المستعمل فيما شبه بمعناه الأصل.

والأصح أنها مجاز لغوى، لأنها موضوعة للمشبه به لا للمشبه، ولا الأعم منهما، ف «أسد» فى قولك: رأيت أسدا يرمى، موضوع للسبع لا للشجاع، ولا لمعنى أعم منهما كالحيوان الجرىء مثلا ليكون إطلاقه عليهما حقيقة كإطلاق الحيوان عليهما.

وقيل: مجاز عقلى، بمعنى أن التصرف فيها فى أمر عقلى لا لغوى، لأنها لا تطلق على المشبه إلا بعد ادعاء دخوله فى جنس المشبه به، فكان استعمالها فيما وضعت له، فيكون حقيقة لغوية ليس فيها غير نقل الاسم وحده.

<<  <  ج: ص:  >  >>