للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية: أن تقرن بما يلائم المستعار له، نحو: فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ استعير اللباس للجوع ثم قرن بما يلائم المستعار له من الإذاقة، ولو أراد الترشيح لقال: فكساها، لكن التجريد هنا أبلغ لما فى لفظ الإذاقة من المبالغة فى الألم باطنا.

والثالثة: لا تقرن بواحد منهما.

وتنقسم باعتبار آخر إلى، تحقيقية، وتخييلية، ومكنية، واصريحية.

فالأولى: ما تحقق معناها حسّا، نحو: فَأَذاقَهَا اللَّهُ الآية، أو عقلا، نحو: وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً أى بيانا واضحا وحجة لا معة.

والثانية: أن يضمر التشبيه فى النفس فلا يصرّح بشىء من أركانه سوى المشبه، ويدل على ذلك التشبيه المضمر فى النفس بأن يثبت للمشبه أمر مختص بالمشبه به، ويسمى ذلك التشبيه المضمر: استعارة بالكناية ومكنيها عنها، لأنه لم يصرح به، بل دل عليه بذكر خواصه ويقابله التصريحية.

ويسمى ذلك الأمر المختص بالمشبه به للمشبه استعارة تخييلية، لأنه قد استعير للمشبه ذلك الأمر المختص بالمشبه به، وبه يكون كمال المشبه به وقوامه فى وجه الشبه لتخيل أن المشبه من جنس المشبه به. ومن أمثلة ذلك: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ، شبه العهد بالحبل، وأضمر فى النفس فلم يصرح بشىء من أركان التشبيه سوى العهد المشبه، ودل عليه بإثبات النقض الذى هو من خواصّ المشبه به وهو الحبل.

ومن التصريحية: مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ.

وتنقسم باعتبار آخر إلى:

وفاقية: بأن يكون اجتماعهما فى شىء ممكنا، نحو: أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ، أى ضالا فهديناه، استعير الإحياء من جعل الشىء حيا للهداية التى بمعنى الدلالة على ما يوصل إلى المطلوب، والإحياء والهداية مما يمكن اجتماعهما فى شىء.

وعنادية: وهى ما لا يمكن اجتماعهما، كاستعارة اسم المعدوم للموجود لعدم نفعه، واجتماع الوجود والعدم فى شىء ممتنع.

<<  <  ج: ص:  >  >>