للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجملة، وفي المرة الثانية: رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ فأكد بالقسم وإن واللام واسمية الجملة لمبالغة المخاطبين في الإنكار حيث قالوا: ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ.

وقد يؤكد بها، والمخاطب به غير منكر لعدم جريه على مقتضى إقراره، فينزل منزلة المنكر.

وقد يترك التأكيد وهو معه منكر، لأن معه أدلة ظاهرة لو تأملها لرجع عن إنكاره، ولذلك يخرج قوله تعالى: ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ أكد الموت تأكيدين. وإن لم ينكر، لتنزيل المخاطبين لتماديهم في الغفلة تنزيل من ينكر الموت، وأكد إثبات البعث تأكيدا واحدا وإن كان أشد نكيرا، لأنه لما كانت أدلته ظاهرة كان جديرا بأن لا ينكر، فنزل المخاطبون منزلة غير المنكر حثّا لهم على النظر في أدلته الواضحة.

وقيل: بولغ في تأكيد الموت تنبيها للإنسان على أن يكون الموت نصب عينيه، ولا يغفل عن ترقبه فإن مآله إليه، فكأنه أكدت جملته ثلاث مرات لهذا المعنى، لأن الإنسان في الدنيا يسعى فيها غاية السعى حتى كأنه يخلد، ولم يؤكد جملة البعث إلا بأن، لأنه أبرز في صورة المقطوع به الذى لا يمكن فيه نزاع ولا يقبل إنكارا.

وقد يؤكد لقصد الترغيب نحو: فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ أكد بأربع تأكيدات ترغيبا للعباد في التوبة، وإذا اجتمعت إن واللام كان بمنزلة تكرير الجملة ثلاث مرات، لأن «إن» أفادت التكرير مرتين فإذا دخلت اللام صارت ثلاثا.

وكذلك نون التوكيد الشديدة بمنزلة تكرير الفعل ثلاثا، والخفيفة بمنزلة تكريره مرتين.

النوع الثانى: دخول الأحرف الزائدة.

كل حرف زيد في كلام العرب فهو قائم مقام إعادة الجملة مرة أخرى، فالباء في خبر ما وليس لتأكيد النفى، كما أن اللام لتأكيد الإيجاب.

الزيادة في الحروف، وزيادة الأفعال قليل، والأسماء أقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>