ما عدا الهمزة نائب عنها، ولكونه طلب ارتسام صورة ما فى الخارج فى الذهن لزم ألا يكون حقيقة إلا إذا صدر من شاكّ مصدق بإمكان الإعلام، فإن غير الشاكّ إذا استفهم يلزم منه تحصيل الحاصل، وإذا لم يصدق بإمكان الإعلام انتفت عنه فائدة الاستفهام.
وما جاء فى القرآن على لفظ الاستفهام، فإنما يقع فى خطاب اللَّه على معنى أن المخاطب عنده علم ذلك الإثبات أو النفى حاصل. وقد تستعمل صيغة الاستفهام فى غيره مجازا.
وقد توسعت العرب فأخرت الاستفهام عن حقيقته لمعان، أو أشربته تلك المعانى.
الأول: الإنكار، والمعنى فيه على النفى، وما بعده منفى، ولذلك تصحبه إِلَّا كقوله: فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ.
وكثيرا ما يصحبه التكذيب، وهو فى الماضى بمعنى لم يكن، وفى المستقبل بمعنى لا يكون نحو: أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ الآية: أى لم يفعل ذلك.
الثانى: التوبيخ، وجعله بعضهم من قبيل الإنكار، إلا أن الأول إنكار إبطال وهذا إنكار توبيخ، والمعنى على أن ما بعده واقع جدير بأن ينفى، فالنفى هنا غير قصدى، والإثبات قصدى، عكس ما تقدم، ويعبر عن ذلك بالتقريع أيضا نحو: أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي.
وأكثر ما يقع التوبيخ فى أمر ثابت ووبخ على فعله.
ويقع على ترك فعل كان ينبغى أن يقع كقوله: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ.
الثالث: التقرير، وهو حمل المخاطب على الإقرار والاعتراف بأمر قد استقرّ عنده: ولا يستعمل ذلك بهل، كما يستعمل بغيرها من أدوات الاستفهام.