الجمع مع التفريق والتقسيم كقوله تعالى: يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ الآيات، فالجمع فى قوله لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ لأنها متعددة معنى، إذ النكرة فى سياق النفى تعم. والتفريق قوله: فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ. والتقسيم قوله: فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا.
جمع المؤتلف والمختلف: هو أن تريد التسوية بين الزوجين، فتأتى بمعان مؤتلفة فى مدحها، وتروم بعد ذلك ترجيح أحدهما على الآخر بزيادة فضل لا تنقص الآخر، فتأتى لأجل ذلك بمعان تخالف معنى التسوية كقوله تعالى:
وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ الآيات، سوّى فى الحكم والعلم وزاد فضل سليمان بالفهم.
حسن النسق: هو أن يأتى المتكلم بكلمات متتاليات معطوفات متلاحمات تلاحما سليما مستحسنا، بحيث إذا أفردت كل جملة منه قامت بنفسها واستقل معناها بلفظها، ومنه قوله تعالى: وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ الآية، فإن جمله معطوف بعضها على بعض بواو النسق على الترتيب الذى تقتضيه البلاغة من الابتداء بالاسم، الذى هو انحسار الماء عن الأرض، المتوقف عليه غاية مطلوب أهل السفينة من الإطلاق من سجنها، ثم انقطاع مادة السماء المتوقف عليه تمام ذلك من دفع أذاه بعد الخروج. ومنه اختلاف ما كان بالأرض ثم الإخبار بذهاب الماء بعد انقطاع المادتين الذى هو متأخر عنه قطعا، ثم بقضاء الأمر الذى هو هلاك من قدر هلاكه ونجاة من سبق نجاته.
وأخرّ عما قبله لأن علم ذلك لأهل السفينة بعد خروجهم منها، وخروجهم موقوف على ما تقدم، ثم أخبر باستواء السفينة واستقرارها المفيد ذهابه الخوف وحصول الأمن من الاضطراب، ثم ختم بالدعاء على الظالمين لإفادة أن الغرق وإن عمّ الأرض فلم يشمل إلا من استحق العذاب لظلمه.