وكما مكث هذا الماء فى الأرض فأمرعت وربت بركته وأخرجت نباتها، وكذلك الذهب والفضة حين أدخل النار فأذهب خبثه كذلك يبقى الحق لأهله، وكما اضمحل خبث هذا الذهب والفضة حين أدخل فى النار كذلك يضمحل الباطل عن أهله.
ومنها قوله تعالى: وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ الآية. فهذا مثل ضربه اللَّه للمؤمن، يقول: هو طيب وعمله طيب، كما أن البلد الطيب ثمرها طيب.
والذى خبث، صرب مثلا للكافر كالبلد السبخة المالحة، والكافر هو الخبيث وعمله خبيث.
ومنها قوله تعالى: أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ، فعن ابن عباس قال: قال عمر بن الخطاب يوما لأصحاب النبى صلّى اللَّه عليه وسلم: فيمن ترون هذه الآية نزلت: أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ؟ قالوا: اللَّه أعلم، فغضب عمر فقال: قولوا نعلم أو لا نعلم، فقال ابن عباس: فى نفسى منها شىء، فقال: يا ابن أخى، قل ولا تحقر نفسك، قال ابن عباس: ضربت مثلا لعمل، قال عمر: أىّ عمل، قال ابن عباس: لرجل غنىّ عمل بطاعة اللَّه ثم بعث اللَّه له الشيطان فعمل بالمعاصى حتى أغرق أعماله.
فقد قيل: إن الحسن بن الفضل سئل: هل تجد فى كتاب اللَّه: خير الأمور أوساطها؟ قال: نعم فى أربعة مواضع، قوله تعالى: لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ وقوله تعالى: وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً وقوله تعالى: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ وقوله تعالى: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا.
ثم قيل له: فهل تجد فى كتاب اللَّه: من جهل شيئا عاداه؟ قال: نعم فى موضعين: بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ، وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ.
قيل له: فهل تجد فى كتاب اللَّه: احذر شرّ من أحسنت إليه؟ قال: نعم: