ومن الوجوه فى إعجازه غير ذلك، أى وردت بتعجيز قوم فى قضايا وإعلامهم أنهم لا يفعلونها فما فعلوا ولا قدروا على ذلك كقوله لليهود: فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً فما تمناه أحد منهم، وهذا الوجه داخل فى الوجه الثالث.
ومنها: الروعة التى تلحق قلوب سامعيه عند سماعهم، والهيبة التى تعتريهم عند تلاوته،
وقد أسلم جماعة عند سماع آياته منه كما وقع لجبير بن مطعم أنه سمع النبى صلّى اللَّه عليه وسلم يقرأ فى المغرب بالطور، فلما بلغ هذه الآية: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ إلى قوله: الْمُصَيْطِرُونَ كاد قلبه أن يطير.
وذلك أول ما وقر الإسلام فى قلبه.
وقد مات جماعة عند سماع آيات منه.
ومن وجوه إعجازه كونه آية باقية لا يعدم ما بقيت الدنيا مع ما تكفل الله بحفظه.
ومنها: أن قارئه لا يمله وسامعه لا يمجه، بل الإكباب على تلاوته يزيده حلاوة وترديده يوجب له محبة، وغيره من الكلام يعادى إذا أعيد ويملّ مع الترديد، ولهذا وصف صلّى اللَّه عليه وسلم القرآن بأنه لا يخلق على كثرة الردّ.
ومنها: جمعه لعلوم ومعارف لم يجمعها كتاب من الكتب ولا أحاط بعلمها أحد فى كلمات قليلة وأحرف معدودة.