وعن علىّ رضى اللَّه عنه قال: قيل: يا رسول اللَّه إن أمتك ستفتتن من بعدك، فسأل أو سئل، ما المخرج من ذلك؟ فقال: بكتاب اللَّه العزيز الذى لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ من ابتغى العلم فى غيره أضله اللَّه، ومن ولى هذا من جبار فحكم بغيره قصمه اللَّه، وهو الذكر الحكيم والنور المبين والصراط المستقيم، فيه خبر من قبلكم، وتبيان من بعدكم، وهو فصل ليس بالهزل، وهو الذى سمعته الجن فقالوا: إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ لا يخلق على طول الرد» .
وعن أبى أمامة قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «من قرأ ثلث القرآن أعطى ثلث النبوّة، ومن قرأ نصف القرآن أعطى نصف النبوّة، ومن قرأ القرآن كله أعطى النبوّة كلها، غير أنه لا يوحى إليه» .
ولو لم يكن من عظم شأنه إلا أنه طبق الأرض أنواره، وجلل الآفاق ضياؤه، ونفذ فى العالم حكمه، وقبل فى الدنيا رسمه، وطمس ظلام الكفر بعد أن كان مضروب الرواق ممدود الأطناب، مبسوط الباع مرفوع العماد، ليس على الأرض من يعرف اللَّه حق معرفته أو يعبده حق عبادته أو يدين بعظمته، أو يعلم علوّ جلالته، أو يتفكر فى حكمته، فكان كما وصفه اللَّه تعالى جلّ ذكره من أنه نور فقال: وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.
فأما أن يتقدموهم أو يسبقوهم فلا. ومنها أنا قد علمنا عجز أهل سائر الأعصار كعلمنا بعجز أهل العصر الأول، والطريق فى العلم بكل واحد من الأمرين طريق واحد، لأن التحدى فى الكل على جهة واحدة، والتنافى فى الطباع على حدّ والتكلف على منهاج لا يختلف، ولذلك قال اللَّه تبارك وتعالى قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً.