للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الأنصار: الخزرج، خزرجها وأوسها- إن محمدا منا حيث قد علمتم، قد منعناه من قومنا، ممن هو على مثل رأينا فيه، فهو فى عز من قومه ومنعة فى بلده، وإنه قد أبى إلا الانحياز إليكم، واللحوق بكم، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه، ومانعوه ممن خالفه، فأنتم وما تحملتم من ذلك، وإن كنتم ترون أنكم مسلموه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم، فمن الآن فدعوه، فإنه فى عز ومنعة من قومه وبلده. فقلنا له: قد سمعنا ما قلت، فتكلم يا رسول الله، فخذ لنفسك ولربك ما أحببت.

فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتلا القرآن، ودعا إلى الله، ورغب فى الإسلام، ثم قال: أبايعكم على أن تمنعونى مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم.

فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال: نعم، والذى بعثك بالحق نبيّا، لتمنعك مما نمنع منه أزرنا «١» ، فبايعنا يا رسول الله، فنحن والله أبناء الحروب وأهل الحلقة «٢» ، ورثناها كابرا عن كابر. فاعترض القول- والبراء يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم- أبو الهيثم بن التيهان، فقال: يا رسول الله، إن بيننا وبين الرجال حبالا، وإنا قاطعوها- يعنى اليهود- فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: بل الدم الدم، والهدم الهدم «٣» ، أنا منكم وأنتم منى، أحارب من حاربتم، وأسالم من سالتم.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخرجوا إلى منكم اثنى عشر نقيبا،


(١) أزرنا: نساءنا.
(٢) الحلقة: السلاح.
(٣) الهدم: أى حرمتى حرمتكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>