٥- ما فيه من النظم والتأليف والترصيف، وإنه خارج عن جميع وجوه النظم المعتادة فى كلام العرب، ومباين لأساليب خطاباتهم، ولهذا تمكنهم معارضته.
٦- أنه شىء لا يمكن التعبير عنه، يدرك ولا يمكن وصفه، فلا يشار إلى شىء منه إلا وكان ذلك المعنى آية فى نفسه وليس فى طاقة البشر الإحاطة بأغراض الله فى كلامه وأسراره فى كتابه.
٧- استمرار الفصاحة والبلاغة فيه من جميع أنحائها فى جميعه استمرارا لا توجد له فترة، ولا يقدر عليه أحد من البشر، وكلام العرب لا تستمر الفصاحة والبلاغة فى جميع أنحائه فى العالم منه إلا فى الشىء اليسير المعدود، ثمّ تعرض الفترات له فلا تستمر فصاحته.
٨- مجيئه بأفصح الألفاظ فى أحسن نظم التأليف، مضمنا أصح المعانى، من توحيد الله تعالى وتنزيهه فى صفاته ودعاء إلى طاعته وبيان لطريق عبادته فى تحليل وتحريم وحظر، ومن وعظ وتقويم، وأمر بمعروف ونهى عن منكر، وإرشاد إلى محاسن الأخلاق، وزجر عن مساويها، واضعا كل شىء منها موضعه الذى لا يرى شىء أولى منه، ولا يتوهم فى صورة العقل أمر أليق منه، مودعا أخبار القرون الماضية، وما نزل من مثلات الله بمن عصى وعاندمنهم، منبئا عن الكوائن المستقبلة فى الأعصار الماضية من الزمان، جامعا فى ذلك بين الحجة والمحتج له، والدليل والمدلول عليه، ليكون ذلك أوكد للزوم ما دعا إليه، وإنباء عن وجوب ما أمر به ونهى عنه.
٩- اختلاف المقامات ووضع كل شىء فى موضع يلائمه، ووضع الألفاظ كل فى الموضع الذى يليق به، ولو أبدل واحد منها بالآخر ذهبت تلك الطلاوة، من ذلك لفظ الأرض، لم ترد فى التنزيل إلا مفردة، وإذا ذكرت والسماء مجموعة، لم يؤت بها معها إلا مفردة، وحين أريد الإتيان بها مجموعة قيل: وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ الطلاق: ١٢، تفاديا من جمعها.