للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سادسًا:- النظر في كلام المصنف - رضي الله عنه - على الحديث:

قال المصنف - رضي الله عنه -: لم يرْوِه عن نُعَيم المُجْمر، إلا العلاء، تَفَرَّد به زيد بن أبي أنيسة.

قلتُ: مِمَّا سبق في التخريج يَتَّضح صحة ما قاله المُصَنِّفُ - رضي الله عنه -.

سابعاً:- التعليق على الحديث:

قال الإمام النووي: ويحرم إطالة الثوب عن الكعبين للخيلاء، ويكره لغير الخيلاء، ولا فرق في ذلك بين حال الصلاة وغيرها، والسراويل والإزار في حكم الثوب، وله لبس يباع بعذبة وبغيرها، وحكم إطالة عذبتها حكم إطالة الثوب فقد روينا في سنن أبي داود والنسائي وغيرهما بإسناد حسن أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: «الإِسْبَالُ فِي الإِزَارِ، وَالْقَمِيصِ، وَالْعِمَامَةِ، مَنْ جَرَّ مِنْهَا شَيْئًا خُيَلاءَ، لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (١)، والله أعلم. (٢)

وقال الذهبي: كل لباس أوجد في المرء خيلاء وفخرًا فتركه متعين، ولو كان من غير ذهب ولا حرير، فإنَّا نرى الشاب يلبس الفرجية الصوف بفرو من أثمان أربع مئة درهم ونحوها، والكبر والخيلاء على مشيته ظاهر، فإن نصحته ولمته برفق كابر، وقال: ما في خيلاء ولا فخر، وهذا السيد ابن عمر يخاف ذلك على نفسه؛ وكذلك ترى الفقيه المترف إذا ليم في تفصيل فرجية تحت كعبيه، وقيل له: قد قال النَّبي - صلى الله عليه وسلم -:"مَا أَسْفل مِن الكَعْبَين مِن الإِزَارِ فَفِي النَّار". (٣)، يقول: إنَّما قال هذا فيمن جَرَّ إزاره خيلاء، وأنا لا أفعل خيلاء، فتراه يُكابر، ويُبَرئ نفسه الحمقاء، ويعمد إلى نص مستقل عام، فيخصه بحديث آخر مستقل بمعنى الخيلاء، ويترخص بقول الصديق: إِنَّ أَحَدَ شِقَّيْ ثَوْبِي يَسْتَرْخِي، إِلا أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّكَ لَسْتَ تَصْنَعُ ذَلِكَ خُيَلَاءَ» (٤)، فقلنا: أبو بكر - رضي الله عنه - لم يكن يشد إزاره مسدولا على كعبيه أولًا، بل كان يشده فوق الكعب، ثم فيما بعد يسترخى، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ، فَمَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى فَوْقِ الْكَعْبَيْنِ فَمَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي النَّارِ»، ومثل هذا في النهى لمن فَصَّل سراويل مغطيًا لكعابه، ومنه طول الأكمام زائدًا، وتطويل العذبة، وكل هذا من خيلاء كامن في النفوس، وقد يعذر الواحد منهم بالجهل، والعالم لا عذر له في تركه الإنكار على الجهلة. (٥)

وقال ابن حجر: أخرج ابن أبي شيبة، عن ابن عمر: أنه كان يكره جر الإزار على كل حال. فقال ابن بطال: هو من تشديداته، وإلا فقد روى هو حديث الباب، فلم يخف عليه الحكم، قلت (ابن حجر): بل كراهة


(١) أبو داود (٤٠٩٤)، ك/اللباس، ب/قدر موضع الإزار، والنَّسائيُّ في "الكبرى" (٩٦٣٧)، ك/الزينة، ب/إسبال الإزار.
(٢) يُنظر: "روضة الطالبين" (٢/ ٦٩).
(٣) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٥٧٨٧)، ك/ اللباس، ب/ ما أسفل من الكعبين فهو في النار.
(٤) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٣٦٦٥)، ك/المناقب، ب/قول النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً»، وبرقم (٥٧٨٤)، ك/اللباس، ب/مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ مِنْ غَيْرِ خُيَلَاءَ.
(٥) يُنظر: "سير أعلام النبلاء" (٣/ ٢٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>