قلتُ: وأخرج البخاري، ومسلم في "صحيحيهما" من حديث عَائِشَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثَ، فَاضْطَجَعَ عَلَى الفِرَاشِ، وَحَوَّلَ وَجْهَهُ، وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ، فَانْتَهَرَنِي، وَقَالَ: مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ:«دَعْهُمَا»، فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا. (١) فانصراف النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتحويل وجهه - مع كوْنه مباحًا، لا خلاف في ذلك؛ بدليل عدم منعه له، ولو كان حرامًا لكان من أشد المنكرين له - يدل على عدم انشغاله به، فإن كان هذا في المُباح، فكيف باللهو، واللعب، والباطل؟ فلا شكّ أنه - صلى الله عليه وسلم - ليس من الباطل في شيء، ولا الباطل منه في شيء. والحمد لله رب العالمين.
* * *
(١) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٩٤٩)، ك/ العيدين، ب/ الحِراب، والدَّرَق يوم العيد، وبرقم (٢٩٠٦)، ك/ الجهاد، ب/ الدَّرَق. ومسلم في "صحيحه" (٨٢٩)، ك/ العيديْن، ب/ الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه.