للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأسانيد كثيرًا، ويَرْوُون المتون بالمعنى، ويخالفون الحفّاظ في ألفاظه، وربما يأتون بألفاظ تشبه ألفاظ الفقهاء المتداولة بينهم، وذكر لشريك حديثيْن، قال في أحدهما: هذا يُشبه كلام الفقهاء.

_ وذكره ابن حبَّان في "الثقات"، وقال: كان في آخر أمره يُخطئ فيما يَرْوي، تغيَّر عليْه حفظه، فسماع المتقدّمين عنه الذين سمعوا منه بواسط، ليس فيه تخليط، مثل يزيد بن هارون، وإسحاق الأزرق؛ وسماع المتأخرين عنه بالكوفة فيه أوْهامٌ كثيرة. (١)

_ وصفُهُ بالتدليس: وصفه غير واحدٍ بالتدليس كالدّارقطني، والإشبيلي، وغيرهما، لكنَّهم وصفوه بقلة التدليس. وذكره ابن حجر في المرتبة الثانية من مراتب الموْصُوفين بالتدليس. (٢)

_ قلتُ: ومجموع كلام أهل العلم فيه يدلّ على أنّ توثيقه محمولٌ على عدالته، وصدقه في نفسه، وأنّه لمْ يتعمَّد الكذب، ومن تكلَّمَ فيه محمولٌ على حفظه، وضبطه، والجرح فيه مُفَسَّر، فيُقدَّم على التعديل.

فالحاصل: أنه "ضعيفٌ، يُعتبر بحديثه إذا توبع، ولا يُحْتملُ تفرّده - لكثرة خطئه، وسوء حفظه -". (٣)

٣) عَبد الله بْن مُحَمد بْن عَقِيل بن أَبي طالب، القرشي الهاشمي، أَبُو مُحَمَّد المدني.

روى عن: جابر بن عبد الله، وابن عُمر، وأنس بن مالك - رضي الله عنهم -، وآخرين.

روى عنه: شَريك بن عبد الله النَّخعيُّ، والسُفْيَانان، وزُهير بن مُعاوية، وآخرون.

حاله: قال البخاري: مُقَارب الحديث. وقال أيضًا: كان أحمد بن حَنْبَل، وإسحاق بن إبراهيم، والحميدي


(١) بسبب قول ابن حبان هذا، ذكره سبط ابن العجمي في "الاغتباط بمن رُمي من الرواة بالاختلاط" (ص/١٧٠)، ثم قال: وهذا قد تغيّر حفْظه، فيُحتمل أن لا يكون مع هؤلاء. وعقّب د/سعيد عبد الجبار في كتابه "اختلاط الرواة الثقات" (ص/١٦٨ - ١٧٠): بأن هذا هو الصواب، وأنّ عبارة ابن حبان لا تدل على الاختلاط الاصطلاحي، وإنما تدل على الخلط، والوهم، وأنه سيء الحفظ في أصل روايته، وليس بآخرة. قلتُ: وعلى هذا فلا يصح وصفه بالاختلاط الاصطلاحي.
(٢) ذهب الشيخ/ طارق بن عِوَض الله في تذهيب تقريب التهذيب" (٢/ ٣٨٨)، وصاحب "معجم المدلسين" (ص/٢٤٨ - ٢٥٠): إلى عدم صحة وصف شريك بالتدليس، وأنّ كثيرًا من أهل العلم ممن تكلموا عن شريك لم يصفه أحدٌ منهم بالتدليس - وعباراتهم تدل على سبرهم لمروياته - فلعله دلّس في بعض الأحاديث على سبيل الخطأ والوهم، وليس متعمدًا التدليس - وإن كان صورته صورة التدليس -، فمن كان ضعيفًا من جهة حفظه ينبغي الاحتراز في وصفه بالتدليس.
وزاد صاحب "معجم التدليس": أنَّ الدارقطني قد وصف جماعة من الرواة بالتدليس في القلب منهم شيء، وذَكر عددًا منهم … إلى أن قال: فالصواب عدم التوقف في عنعنة شريك بن عبد الله، إلا إذا ثبت أن شريكًا دلّس في الحديث بعيْنه، فيتوقف حينئذٍ عن عنعنته، وأمَّا إعلال الحديث بعنعنة شريك فليس عليه عمل المتقدمين من الأئمة. قلتُ: وعليه؛ فلا يَصِحُّ وصفه بالتدليس.
(٣) يُنظر: "التاريخ الكبير" ٤/ ٢٣٧، "الثقات" للعجلي ١/ ٤٥٣، "الجرح والتعديل" ٤/ ٣٦٥، "الثقات" ٦/ ٤٤٤، "الكامل" لابن عدي ٥/ ١٠ - ٣٦، "تاريخ بغداد" ١٠/ ٣٨٤، "تهذيب الكمال" ١٢/ ٤٦٢، "تهذيب التهذيب" ٤/ ٣٣٣، "المغني" ١/ ٤٢٥، "تاريخ الإسلام" ٤/ ٦٤٢، "تذكرة الحفّاظ" ص/٢٣٢، "الميزان" ٢/ ٢٧٠، "لسان الميزان" ٩/ ٣٢٢، "التقريب، وتحريره" ٢٧٨٧، "الكواكب النيّرات" ١/ ٢٥٠، "الاغتباط بمن رُميَ من الرواة بالاختلاط" ص/١٧٠، "معجم المختلطين" ص/١٦٤ - ١٦٩، "اختلاط الرواة الثقات" د/ سعيد عبد الجبّار ص/١٦٨، "جامع التحصيل" ص/١٠٧، ص/١٩٦، "المدلسين" للعراقي أبو زرعة ص/٥٨، "التبيّن في أسماء المدلسين" ص/٣٣، "معجم المدلسين" ص/٢٤٨، "شرح علل الترمذي" ٢/ ٥٨٩، ١/ ٧١١، ٢/ ٧١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>