للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

- واستشهد البخاري بحديثٍ واحدٍ له مُعَلَّقًا، وروى له مسلم حديثًا واحدًا في المتابعات، واحتجَّ به الباقون.

- فالحاصل: أنَّه ثِقَةٌ إذا روى عن الثقات خاصةً مِنْ الشاميين، بشرط أنْ يُصَرِّح بالسماع في كل طبقات الإسناد (١) - لأنَّه كان يُدلس تدليس التسوية -. (٢) (٣)

٤) سَلَمَةُ بن كُلْثُوم الكِنْدِيُّ، الشَّامِيُّ، وقيل: الدِّمَشْقِيُّ.

روى عن: الأوزاعيُّ، و صَفْوَان بن عمرو، و جعفر بن بُرْقَان، وغيرهم.

روى عنه: بقية بن الوليد، وأبو توبة الربيع بن نافع، وعثمان بن سعيد، وغيرهم.

حاله: قال أبو زرعة الدمشقي: قلت لأبي اليمان: ما تقول في سلمة بن كلثوم؟ قال: ثقة، كان يقاس بالأوزاعي. وقال أبو توبة: كان من العابدين، ولم يكن في أصحاب الأوزاعي أهيأ منه. وقال ابن عبد البر: ثِقَةٌ. وقال الذهبي: ثِقًةٌ نَبِيْلٌ. وقال ابن حجر في "التلخيص": ثِقَةٌ، مِنْ كِبَار أصحاب الأوزاعيّ. وفي "التقريب": صَدُوقٌ. وقال الدَّارقطني في "العلل": يَهِم كثيرًا. (٤)

وأخرج له ابن ماجة حديثًا واحدًا.


(١) لكن عند ذكر التصريح بالتحديث أيضًا لا بد من الاحتراز، فقد يكون هذا التصريح غير محفوظ، ويكون الصواب بالعنعنة، صَرَّح بذلك أبو حاتم الرازي كما في "العلل" (٢٣٩٤)، فقال: كان بقية يدلّس، فظنُّوا - أي الرواة عنه- أنه يقول في كل حديث: حدثنا، ولا يفتقدوا الخبر منه. وقال أبو زرعة أيضًا - كما في "العلل" (٢٥١٦): لم يسمع بَقِيَّة هذا الحديث من عبد العزيز، إنما هو عن أهل حمص، وأهل حمص لا يميّزون. قال المحقق د/ خالد بن عبد الرحمن الحُريسي معلّقًا: يعني أن أهل حمص إذا رووا عن بقية يجعلون سماعًا ما ليس بسماع. وقال ابن رجب في "شرح العلل" (١/ ٣٧٠) بعد نقله لقول أبي حاتم: وحينئذٍ ينبغي التفطّن لهذه الأمور، ولا يُغْتر بمجرد ذكر السماع والتحديث في الأسانيد، فقد ذكر ابن المديني أنَّ شعبة وجدوا له غير شيء يَذكر فيه الإخبار عن شيوخه ويكون منقطعًا. ا. هـ قلتُ: فلا يُستغرب بعد وقوع مثل هذا عن شُعبة وقوعه من أحد.
(٢) قال ابن حبَّان في "المجروحين" (١/ ٢٠٠): لقد دخلت حمص وأكثر همي شأن بقية، فَتَتَبَّعْتُ حديثه، وكَتَبْتُ النُسَخ على الوجه، وتَتَبَّعْتُ ما لم أجد بعلو من رواية القدماء عنه، فرأيته ثقةً مأمونًا، ولكنَّه كان مدلسًا سمع من عُبيد الله بن عُمر، وشُعْبَة، ومالكٍ أحاديث يسيرة مستقيمة، ثم سمع عن أقوام كذابين ضعفاء متروكين عن عبيد الله بن عمر وشعبة ومالك، مثل المجاشع ابن عمرو، والسري بن عبد الحميد، وأشباههم، وأقوام لا يُعْرَفون إلا بالكنى، فروى عن أولئك الثقات الذين رآهم بالتدليس ما سمع من هؤلاء الضعفاء، فَحَمَلوا عن بَقِيَّة عن عُبيد الله، وبَقِيَّة عن مالك، وأُسْقِطَ الواهي بينهما، فالتُزِقَ الموضوع ببقية، وتخلص الواضع من الوسط، وإنما امتُحِنَ بَقِيَّة بتلاميذ له كانوا يُسْقِطُون الضعفاء مِنْ حديثه ويسوونه فالتزق ذلك كله به.
(٣) يُنظر: "التاريخ الكبير" ٢/ ١٥٠، "الثقات" للعجلي ١/ ٢٥٠، "الجرح والتعديل" ١/ ١٣٥، ٢/ ٤٣٤، "المجروحين" ١/ ٢٠٠، "الكامل" لابن عدي ٢/ ٢٥٩، "تاريخ بغداد" ٧/ ٦٢٣، "تاريخ دمشق" ١٠/ ٣٢٨، "التهذيب" ٤/ ١٩٢، "الكاشف" ١/ ٢٧٣، "تاريخ الإسلام" ٤/ ١٠٨٢، "السير" ٨/ ٥١٩، "ديوان الضعفاء" ١/ ٥٠، "الميزان" ١/ ٣٣١، "جامع التحصيل" (ص/١٠٥ و ١١٣ و ١٥٠)، "تهذيب التهذيب" ١/ ٤٧٣، "طبقات المدلسين" (ص/٤٩)، "التقريب" (٧٣٤).
(٤) يُنظر: "العلل" للدارقطني (مسألة/ ١٣٨٧)، فسُئل عن حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فِي رَجُلٍ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ، فَقَالَ: دَعْهُ، فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الْإِيمَانِ. قال الدارقطني: يَرْوِيهِ الزُّهْرِيُّ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ؛ فَرَوَاهُ سَلَمَةُ بْنُ كُلْثُومٍ وَهُوَ شَامِيٌّ يَهِمُ كَثِيرًا، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ قُرَّةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، وَوَهِمَ فِيهِ. وَالصَّحِيحُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ. وفي "علل ابن أبي حاتم" (مسألة/٤٨٣)، ذكر حديث سَلَمة بْنِ كُلثوم، عَنِ الأوزاعيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى عَلَى جِنَازة، فكبَّر عَلَيْهَا أَرْبَعًا، ثُمَّ أَتَى قَبْرَ الميِّت، فَحَثَا عَلَيْهِ مِنَ قِبَلِ رأسِه ثَلاثًا. قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ باطلٌ .. وقام المحقق الفاضل د/خالد بن عبد الرحمن الجُريسي - حفظه الله- بنقل أقوال أهل العلم في الحُكم على هذا الحديث في الهامش، ثم قال: والذي يظهر لنا أنَّ أبا حاتم حَكَم على هذا الحديث بالبطلان بسبب تفرد سلمة بن كلثوم به عن الأوزاعي، وهو ممن لا يُحتمل تفرده، لكوْنه مُقِلٌّ غير مشهور، والأوزاعي إمام مُكثر له تلاميذ لازمُوه ولم يرووا عنه هذا الذي رواه سلمة. قلتُ: والتفرد هنا مُقَيَّد بالمخالفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>