(٢) من هذه الروايات؛ حديث: "زادك الله حرصًا ولا تعد" أخرجه البخاري في "صحيحه" (٧٨٣) ك/الآذان، ب/إذا ركع دون الصف. وعندما تتبعت طرق هذا الحديث لم أقف على طريقٍ صَرَّح فيه الحسن بسماع هذا الحديث من أبي بكرة إلا ما أخرجه النسائي في "الكبرى" (٩٤٦) ك/المساجد، ب/الركوع دون الصف، من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن زياد الأعلم، قال حدثنا الحسن، أنَّ أبا بكرة حَّدثه … الحديث. لكن كل من رواه عن زياد الأعلم قد رواه عن الحسن عن أبي بكرة بالعنعنة، وكذلك كل من رواه عن الحسن غير زياد؛ رواه أيضًا بالعنعنة، وسعيد بن أبي عروبة قال عنه الحافظ في "التقريب" (٢٣٦٥): كثير التدليس. وقد رواه عن زياد بالعنعنة فالأمر فيه يحتاج إلى تحرير.
وحديث "إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد"؛ أخرجه البخاري (١٠٤٠) ك/الكسوف، ب/الصلاة في كسوف الشمس. وتتبعت طرقه فوجدت كل الرواة رووه عن الحسن - كحميد الطويل، ويونس بن عبيد، وغيرهما- بالعنعنة، بينما رواه الإمام أحمد في "مسنده" (٢٠٣٩١) من طريق خلف بن الوليد، حدثنا المبارك ابن فضالة عن الحسن، عن أبي بكرة أنه حدَّثه. قلتُ: وخالفه هُدْبة بن خالد القَيْسيّ - كما عند ابن حبَّان في "صحيحه" (٢٨٣٤) - فرواه عن المبارك عن الحسن بالعنعنة، وعليه فصحة تصريح الحسن بالسماع في هذا الحديث أيضًا يحتاج إلى تحرير. ومنها؛ حديث: "لن يُفلح قوم وَلَّوْا أمرهم امرأة" أخرجه البخاري في "صحيحه" (٤٤٢٥) ك/المغازي، ب/كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى كسرى وقيصر. وعندما تتبعتُ طرقه لم أقف فيه على طريق صَرَّح فيه الحسن بسماعه من أبي بكرة - رضي الله عنه -، والله أعلم. قلتُ: وهذا كله يؤكد أن البخاري إنما حمل عنعنة الحسن على الاتصال فيمن ثبت له سماعه منهم في الجملة، وأنه يُثبت سماع الحسن من أبي بكرة - رضي الله عنه -.