للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُحدِّث به، فاختلط حديثه الأخير الذي فيه الأوْهام والمناكير بحديثه العظيم الذي فيه الأشياء المستقيمة عن قومٍ مشاهير فبطل الاحتجاج به. وقال الترمذي: يُضَعَّف في الحديث. وقال ابن سعد، والدَّارقطني، والسَّاجي: ضعيف. وزاد السَّاجي: جدًّا، حدَّث بمناكير يطول ذكرها، وكان عابدًا. وقال النسائي، وعلي بن الجُنيد: متروك الحديث. وحاصله: كما قال ابن حجر في "التقريب": "ضعيفٌ، اختلط بآخره، وكان عابدًا". (١)

قلتُ: هو في الأصل ضعيفٌ في أوّل أمْره وآخره، ولعلّه اشتدّ ضعْفه باختلاطه في آخر أمره. (٢)

٥) محمد بن مُسلم بن تَدْرُس أبو الزُّبير المكّي، القُرَشيّ، الأَسَديّ، مَوْلى حَكِيم بن حزام.

روى عن: جابر بن عبد الله، وعبد الله بن عُمر بن الخطَّاب، وسعيد بن حُبَير، وآخرين.

روى عنه: المُثَنَّى بن الصَّبَّاح (٣)،

وشُعبة بن الحجَّاج، ومَعْقِل بن عُبَيد الله الجزريُّ، وآخرون.

حاله: اختلف فيه أهل العلم على عدة أقوال، ملخصها ما يلي:

• ذِكْر مَنْ وَثَّقُوه: قال ابن معين، والنسائي، وابن سعد، والعِجْلي: ثِقَةٌ. وقال ابن المَديني: ثِقَةٌ ثبتٌ. وذكره ابن حبَّان في "الثقات"، وقال: كان من الحفّاظ، وكان عطاء يُقدّمه إلى جابر ليحفظ له.

_ وقال أحمد بن حنبل: احتمله النَّاس، وأبو الزُّبير أحبّ إليّ من أبي سفيان - يعني طلحة بن نافع -، وأبو الزُّبير ليس به بأسٌ. وقيل لأحمد: هو حُجةٌ في الحديث؟ قال: نعم هو حُجة. وقال أيضًا: أبو الزُّبير يُرْوى عنه، ويُحتجّ به. وقال ابن معين، ويحيى بن سعيد: وهو أحبّ إليّ من أبي سفيان طلحة بن نافع.

_ وقال عطاء: كنّا إذا خرجنا من عند جابر تذاكرنا حديثه، وكان أبو الزُّبير أحفظنا لحديثه.

_ وقال ابن عدي: روى عنه مالك، وكفى به صِدْقًا إنْ حَدَّثَ عنه مالك، فإنَّ مالكًا لا يَرْوي إلا عن ثقة، ولا أعلم أحدًا من الثقات تَخَلَّفَ عنه إلا قد كَتَبَ عنه، وهو في نفسه ثقة، إلا أن يَرْوي عنه بعض الضعفاء؛ فيكون ذلك من جهة الضعيف لا مِنْهُ، وأبو الزُّبير يروي أحاديث صالحة، وهو صدوقٌ ثقةٌ، لا بأس به.

_ وقال الذهبي في "الكاشف": حافظٌ ثقة. وفي "الديوان": ثقة، غَمَزَهُ شُعبة لكوْنه وزن راجحًا. وفي "تاريخ الإسلام": من الحفَّاظ الثقات، وإن كان غيره أَوْثق منه.

• ذكر مَنْ ضَعَّفه: تكلَّمَ فيه شُعبة لأسباب أَجْمَلَها الذهبي في "المُغْني"، فقال: تكلَّمَ فيه شُعبة لكوْنه استرجحَ في الميزان، وقيل: لأنه رآه يُسِيء صلاته، وقيل: لأنه رآه خاصَمَ ففجر، وقيل: لأنه كان بِزِيّ الشُّرَط.

- وقال مَعْمر: كان أَيُّوب السّختياني إذا قَعَدَ إلى أبِي الزُّبيْر مَنَّعَ رأسه. وقال أحمد: كان أيّوب يقول: حدثنا أبو الزُّبير، وأبو الزُّبير، أبو الزُّبير، قال عبد الله بن أحمد: قلتُ لأبي: كأنَّه يُضَعِّفه؟ قال: نعم. وقال


(١) يُنظر: "الجرح والتعديل" ٨/ ٣٢٤، "الكامل" لابن عدي ٨/ ١٧١، "المجروحين" ٣/ ٢٠، "تعليقات الدّارقطني على المجروحين" ص/٦٢، "تهذيب الكمال" ٢٧/ ٢٠٣، "تهذيب التهذيب" ١٠/ ٣٥، "التقريب" (٦٤٧١).
(٢) يُنظر: "اختلاط الرواة الثقات" د/ عبد الجبَّار سعيد (ص/٤٨٨)، "معجم المختلطين" (ص/٣٠٩).
(٣) لم أقف على أحدٍ ذكر المُثَنَّى في تلاميذ أبي الزّبير، أو ذكر أبا الزّبير في شيوخ المُثَنَّى، وروايته عنه مُحتملة، لأمرين:
أبو الزّبير مكيّ، وذكر الحافظ ابن حجر في "التقريب" (٦٤٧١) في ترجمة المُثَنَّى بن الصَّبَّاح أنه نزيل مكة.

إنَّ أبا الزّبير توفي سنة ١٢٦ هـ، والمُثَنَّى توفي سنة ١٤٩ هـ، فسماعه منه مُحتمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>