للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَعين: ليس بشيء. وقال النسائي: متروكٌ. وقال الذهبي: ساقطُ الحديث. (١)

وقال الهيثمي: رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه إسماعيل المكّي، وهو ضعيفٌ. (٢)

وقال ابن القيسراني: رواه إسماعيل بن مسلم المكّي، وهو: متروك الحديث. (٣)

قلتُ: وإسماعيل بن مسلم اضْطَرَب فيه، فَتَلَوُّنه في الحديث - وليس مِمَّنْ يُحتمل مِنْه ذلك - يُوهنه، ويُنَبِّئُ بقلة ضبطه، ويَدلّ على أنّ هذا الحديث من مُنْكَراته، وأنّه لم يضبطه، وخطأ الراوي لا يُقَوّي غيره، ولا يتقوّى بغيره، وبالتالي فالحديث من طريق إسماعيل بن مُسلم لا يصلح للاعتبار، والشواهد، والله أعلم.

طريقٌ آخر للحديث عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -:

وأخرجه العُقيلي في "الضعفاء الكبير" (٤/ ٢٥٨)، بسنده من طريق مكي بن قُمَيْر أبو الحسن العَنْبري، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَزَالُ أَحَدُكُمْ رَاكِبًا مَا دَامَ مُنْتَعِلاً».

قال العُقيلي: هذا يُرْوَى مِنْ غير هذا الوجه بإسنادٍ أصلح مِنْ هذا.

قلتُ: والحديث بهذا الإسناد "ضعيفٌ جدًا"، فيه عِلَلٌ، وهى كالآتي:

١) مكي بن قُمَير: قال العُقيلي: مجهولٌ بالنقل، حديثه غير محفوظ. وقال الذهبي في "المغني": لا يُعرف. وقال ابن حجر في "اللسان": مجهولٌ. وذكروا هذا الحديث في ترجمته. (٤)

قلتُ: فذكر هؤلاء الأئمة الكبار وتَتابُعِهم على ذِكْر هذا الحديث في ترجمة الرّاوي يدلُّ على أنَّه من منكراته، ويؤكّد ذلك أنَّه لم يُتابعه أحدٌ - على حسب بحثي - بروايته من طريقٍ ثابتٍ، عن أنس.

٢) جعفر بن سُليمان الضُّبَعِيُّ: أعلَّ العلماء روايته عن ثابت خاصة، فقال ابن المَديني: أَكْثَرَ جعفر بن سُليمان، عن ثابت، وكَتَبَ المراسيل، وفيها أحاديث مناكير عن ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقال ابن عدي: وهذه الأحاديث عن جعفر بن سُليمان، عن ثابت، عن أنس، كلها إفرادات لجعفر لا يرويها عن ثابت غيره. (٥)

٣) بالإضافة إلى أنَّه لم يتابعه أحدٌ من أصحاب ثابت - المُقَدَّمين فيه - على روايته هذه (٦)، فأين كانوا؟! وعليْه فالحديث يُعتبر من مناكيره، وبالتالي فلا يصلح هذا الطريق أيضًا للاعتبار والشواهد (٧). (٨)


(١) يُنظر: "الجرح والتعديل" ٢/ ١٩٨، "تهذيب الكمال" ٣/ ١٩٨، "المغني" ١/ ١٤٢، "التقريب" (٤٨٤).
(٢) يُنظر: "مجمع الزوائد" (٥/ ١٣٨).
(٣) يُنظر: "ذخيرة الحفاظ" (١/ ٣٩٨/٥٠٠).
(٤) يُنظر: "الضعفاء الكبير" للعُقيلي ٤/ ٢٥٨، "المغني" ٢/ ٣٢٣، "الميزان" ٤/ ١٧٩، "اللسان" ٨/ ١٥٠.
(٥) يُنظر: "الجرح والتعديل" ٢/ ٤٨١، "الكامل" لابن عدي ٢/ ٣٨٩، "تهذيب الكمال" ٥/ ٤٣.
(٦) يُنظر: "شرح علل الترمذي" (٢/ ٤٩٩) في ذكر طبقات أصحاب ثابت البُنانِي.
(٧) وقد أعلَّ الإمام أبو الفضل محمد بن أبي الحسين - المعروف بالشهيد الهروي - في كتابه "علل الأحاديث في صحيح مسلم" (ص/٨٦/برقم ١٥)، حديثًا بنفس هذه العلة التي معنا - وهي تفرُّد جعفر الضُّبَعيّ، عن ثابت بأحاديث لم يأْتِ بها أصحابه -، فقال: وَوجدت فِيهِ - أي في "صحيح مسلم - حَدِيث جَعْفَر بن سُلَيْمَان الضُّبَعِي، عَن ثَابت، عَن أنس، قَالَ:
أَصَابَنَا مطرٌ وَنحن مَعَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فحَسَرَ ثَوْبه عَنهُ، وَقَالَ: "أَنه حَدِيث عهد بربه".
قَالَ أَبُو الْفضل: وَهَذَا حَدِيثٌ تفرَّد بِهِ جَعْفَر بن سُلَيْمَان من بَين أَصْحَاب ثَابت لم يَرْوِهِ غَيره.
ثم روى بسنده عن علي بن المديني أنه قال: لم يكن عِنْد جَعْفَر كتاب، وَعِنْده أَشْيَاء لَيست عِنْد غَيره.
قلتُ: وقال الذهبي في "الميزان" (١/ ٤١٠/ في ترجمة الضُّبَعي هذا): وهو صدوق في نفسه، وينفرد بأحاديث عُدَّت مما يُنكر، واختُلف في الاحتجاج بها، ثم ذكر عدة أحاديث، ثم قال: وغالبُ ذلك في "صحيح مسلم".
(٨) وحديث أنس هذا ذكره ابن قتيْبة في "تأويل مختلف الحديث" (ص/١٦١)، وقال: باطل؛ وضعه أيوب بن خُوطٍ. وقاله أيضًا ابن عراق في "تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة" (١/ ١٧). ونقله الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (١/ ٤٠٣) في ترجمة أيُّوب بن خوط أبو أيُّوب البصْري.

<<  <  ج: ص:  >  >>