للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قلتُ: ولم يتفرّد به ابن خُبَيق، بل الحديث مشهورٌ من رواية المُسيّب بن واضح - كما سبق -، وقد قال ابن عدي: وسرقه منه جماعةٌ من الضعفاء، فَرَوَوْه عن يوسف بن أسباط، وعبد الله بن خُبَيْق هذا لم أقف فيه على جرحٍ أو تعديل فهو "مجهول الحال"، فَلَعَلَّه سرقه مِنْ المسيب بن واضح.

قلتُ: وعليه فالحديث باطل، لم يصح، ولم يثبت من حديث الثوري، والله أعلم.

• وأخرجه ابن عدي في "الكامل" (٣/ ٤٦١)، من طريق أبي الأَخْيَل خالد بن عمرو الحمصي، ثنا سفيان ابن عيينة، عن محمد بن المُنْكدر، به. وقال ابن عدي: وخالد بن عمرو هذا، روى أحاديث مُنكرة عن ثقات الناس، ونقل عن جعفر الفريابي، قال: لم أكتب عنه؛ لأنه كان يكذب … ثم قال: وكنّا في شغل عن حديث الثوري، عن ابن المُنْكدر، عن جابر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مداراة الناس صدقة"، يرويه عنه يوسف بن أسباط، حتى جاءنا أبو الأَخيَل فحدَّث به عن ابن عيينة!

قلتُ - والله أعلم -: وهذا الكلام مِنْ ابن عدي يدل على استنكاره الشديد جدًا لهذا الحديث عن ابن عيينة، فيقول: "كنّا في شغل عن حديث الثوري"؛ أي: كنّا في إعراضٍ واستنكارٍ عن هذا الحديث من رواية الثوري - فلمْ يأتِ به أحدٌ من أصحابه عنه -، ثم يقول متعجّبًا أشد التعجب؛ "حتى جاءنا أبو الأَخْيل فحدَّث به عن ابن عيينة! " فمَن أبو الأَخْيل هذا حتى ينفرد عن مثل الجبل الأشم ابن عيينة؟!

- وكلام ابن عدي هذا نقله ابن الجوزي في "العلل"، وزاد: قال ابراهيم الحربي: هذا حديثٌ كذب.

- وقال الدارقطني: غريبٌ من حديث ابن عيينة، تفرّد به خالد بن عمرو، عنه.

- قلتُ - والله أعلم -: وعليه فالحديث لم يصح، ولم يثبت أيضًا من حديث ابن عيينة.

• وأخرجه محمد بن خلف بن حيَّان في "أخبار القضاة" (٣/ ٥١٩)، من طريق حمَّاد بن الوليد الأزدي الكوفي، عن عبد الله بن شُبْرُمة الكوفيّ، عن محمد بن المُنْكدر، به.

قلتُ: وهذه متابعة لا تصلح للاحتجاج، ففي سندها حمَّاد بن الوليد وهو "متروك، ساقط، متهم" (١)، بالإضافة إلى اضطرابه في هذا الحديث فرواه بالوجهين، فدلَّ على عدم ضبطه، وخطئه، ووهمه فيه. (٢)

ب متابعات للوجه الأول:

وقد توبع محمد بن المُنْكدر على رواية هذا الحديث بالوجه الأول:

• فأخرج البيهقي في "الشعب" (٨٤٧٥) من طريق مالك بن دينار، ومعروف بن علي، عن الحسن البصري، عن مُحارب بن دِثار، عن جابر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لمَّا نَزَلَتْ سُورَة بَراءة، قَالَ: "بُعِثْتُ بِمُدَارَاة النَّاس".


(١) قال ابن حبان في "المجروحين" (١/ ٢٥٥): يسرق الحديث، ويلزق على الثقات ما ليس من حديثهم، لا يجوز الاحتجاج به. وقال الأزدي: متروك الحديث. وقال الذهبي في "المغني" (١/ ٢٨٢): متروكٌ ساقطٌ. وفي "الديوان" (١/ ٢٣١): ساقطٌ مُتَّهَمٌ.
(٢) وكلا الوجهين في "أخبار القضاة" (٣/ ٥١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>