للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أرسله يوم مِنى، فمجموع الأدلة يدل على أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - كان يَستعمله في مِثل ذلك، والله أعلم.

تاسعاً: - النظر في كلام المُصَنِّف - رضي الله عنه - على الحديث:

قال المُصَنِّف - رضي الله عنه -: لم يَرْوِ هذا الحديث عن الزُّهْرِيِّ إلا قُرَّةُ، تَفَرَّدَ به: سُوَيْدُ بن عبد العزيز. (١)

قلتُ - والله أعلم -: مِن خلال ما سبق في التخريج يَتَّضح أنَّ ما قاله المُصَنِّف "لم يَرْوِ هذا الحديث عن الزُّهْرِيِّ إلا قُرَّةُ"، مُسَلَّمٌ له فيه.

وأمَّا قوله: "تَفَرَّدَ به: سُوَيْدُ بن عبد العزيز"، فغير مُسَلَّم له فيه؛ فلقد تابعه سُويد بن سعيد كما عند الحاكم في "المُستدرَك" (٦٦٥٠) كما سبق في التخريج.

عاشراً: - التعليق على الحديث:

قال الإمام النووي (٢): الحديث فيه دليل لمن قال لا يصح صوم أيام التشريق بحال، وهو أظهر القولين في مذهب الشافعي، وبه قال أبو حنيفة وابن المنذر وغيرهما. وقال جماعة من العلماء: يجوز صيامها لكل أحدٍ تطوعاً وغيره، حكاه ابن المنذر عن الزبير بن العوام وابن عمر وابن سيرين. وقال الإمام مالك والأوزاعي وإسحاق والشافعي - في أحد قوليه -: يجوز صومها للمتمتع إذا لم يجد الهدي، ولا يجوز لغيره، واحتج هؤلاء بحديث البخاري عن ابن عمر وعائشة قَالَا: «لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ، إِلا لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الهَدْيَ» (٣)

قال ابن حجر (٤): قال الطحاوي: إنَّ قول ابن عمر، وعائشة "لَمْ يُرَخَّصْ" أخذاه من عموم قول الله تعالى {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} (٥) لأن قوله: {فِي الْحَجِّ} يعم ما قبل يوم النحر وما بعده، فيدخل أيام التشريق، فعلى هذا فقولهما ليس بمرفوع بل هو بطريق الاستنباط منهما عمَّا فهماه من عموم الآية، وقد ثبت نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن صوم أيام التشريق وهو عام في حق المتمتع وغيره، وعلى هذا فقد تعارض عموم الآية المشعر بالإذن وعموم الحديث المشعر بالنهي، وفي تخصيص عموم المتواتر بعموم الآحاد نظرٌ لو كان الحديث مرفوعاً! فكيف وفي كونه مرفوعاً نظر؛ فعلى هذا يترجح القول بالجواز.

وقال ابن حجر (٦): والراجح عند البخاري جواز صيامها للمتمتع، فإنَّه ذكر في الباب حديثي عائشة وابن عمر في جواز ذلك ولم يورد غيره. (٧)


(١) ذكر ذلك عقب الحديث رقم (٨٢١٧) مِنْ "الأوسط".
(٢) يُنظر: "المنهاج شرح مسلم" (٨/ ١٧).
(٣) أخرجه البخاري في "صحيحه" (١٩٩٧) ك/الصيام، ب/صِيَام أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.
(٤) يُنظر: "فتح الباري" لابن حجر (٤/ ٢٤٣).
(٥) سورة "البقرة"، آية (١٩٦).
(٦) يُنظر: "فتح الباري" لابن حجر (٤/ ٢٤٢).
(٧) ومَن رام المزيد في تفصيل ذلك وبيانه، فليُراجع: "التمهيد" لابن عبد البر (١٢/ ١٢٧)، "شرح معاني الآثار" للطحاوي (٢/ ٢٤٤ - ٢٤٩)، وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>