قلتُ: وقد أطال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - عفا الله عنا وعنه - في هذه المسألة، وأجاب على قول الطحاوي بأنَّه مردود بإجماع المسلمين أنَّ الحاج إذا طاف طواف الإفاضة، بعد رمي جمرة العقبة، والحلق: أنه يحل له كل شيء حرم عليه بالحج من النساء، والصيد، والطيب، وكل شيء. فقد زال عنه الإحرام بالحج بالكلية، وصار حلالاً حِلاً تاماً كل التمام. وذلك ينافي كونه يطلق عليه أنه في الحج، فإن صام أيام التشريق فقد صامها في غير الحج; لأنَّه تحلل من حجه، وقضى مناسكه. ومن أصرح الأدلة في ذلك أن الله صرح بأنه لا رفث في الحج، وأيام التشريق يجوز فيها الرفث بالجماع فما دونه، فدل على أن ذلك الرافث فيها ليس في الحج.
ثُمَّ قال: والراجح مِنْ أقوال أهل العلم أنَّ قول الصحابي: رُخِّص لنا في كذا، أنَّه موقوفٌ لفظاً، مرفوعٌ حكماً، سواءٌ قال ذلك في زمان النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أم بعده، وهو قول جمهور المُحدِّثين. وبهذا نعلم أنَّ حديث ابن عُمر وعائشة عند البخاري له حكم الرفع. وعليه فلا مانع مِن أنْ يُخصص به عُموم الأدلة مِن القرآن والسنة. (١)
* * *
(١) يُنظر: "أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن" (٥/ ٦٠٣ - ٦١١). ويُنظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٢/ ٣٩٩ - ٤٠١)، "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير (١/ ٥٣٨ - ٥٤٠).