عَلَيْهِمْ الثَّلْجُ، فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ؟ قَالَ عَلِيٌّ: الْوَالِي لَا يَنْوِي رَحِيلًا قَبْلَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً بِلَا شَكٍّ، وَكَذَلِكَ مَنْ أَرْتَجَ عَلَيْهِ الثَّلْجُ فَقَدْ أَيْقَنَ أَنَّهُ لَا يَنْحَلُّ إلَى أَوَّلِ الصَّيْفِ؟ وَقَدْ أَمَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَنْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ مُقِيمٌ سَنَةً لَا يَنْوِي سَيْرًا: بِالْقَصْرِ؟ وَعَنْ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ: يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ مَا لَمْ يَرْجِعْ إلَى مَنْزِلِهِ، إلَّا أَنْ يَدْخُلَ مِصْرًا مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ عَلِيٌّ: احْتَجَّ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ بِأَنَّ قَوْلَهُمْ أَكْثَرُ مَا قِيلَ، وَأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا نَوَى الْمُسَافِرُ إقَامَةَ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ أَتَمَّ، وَلَا يَخْرُجُ عَنْ حُكْمِ الْقَصْرِ إلَّا بِإِجْمَاعٍ؟ قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا بَاطِلٌ، قَدْ أَوْرَدْنَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ يَقْصُرُ حِينَ يَنْوِيَ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَقَدْ اُخْتُلِفَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ نَفْسِهِ.
وَخَالَفَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ كَمَا أَوْرَدْنَا وَغَيْرُهُ فَبَطَلَ قَوْلُهُمْ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ حُجَّةٌ وَاحْتَجَّ لِمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ مُقَلِّدُوهُمَا بِالْخَبَرِ الثَّابِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ طَرِيقِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ «يَمْكُثُ الْمُهَاجِرُ بَعْدَ انْقِضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا» . قَالُوا: فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُهَاجِرِينَ الْإِقَامَةَ بِمَكَّةَ الَّتِي كَانَتْ أَوْطَانَهُمْ فَأُخْرِجُوا عَنْهَا فِي اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى يَلْقَوْا رَبَّهُمْ عَزَّ وَجَلَّ غُرَبَاءَ عَنْ أَوْطَانِهِمْ لِوَجْهِهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ أَبَاحَ لَهُمْ الْمُقَامَ بِهَا ثَلَاثًا بَعْدَ تَمَامِ النُّسُكِ.
قَالُوا: فَكَانَتْ الثَّلَاثُ خَارِجَةً عَنْ الْإِقَامَةِ الْمَكْرُوهَةِ لَهُمْ، وَكَانَ مَا زَادَ عَنْهَا دَاخِلًا فِي الْإِقَامَةِ الْمَكْرُوهَةِ؟ مَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً غَيْرَ هَذَا أَصْلًا وَهَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ نَصٌّ وَلَا إشَارَةٌ إلَى الْمُدَّةِ الَّتِي إذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute