للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: تَقْضِي الطَّائِفَةُ الْأُولَى الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهَا بِلَا قِرَاءَةِ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ فِيهَا.

وَتَقْضِي الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهَا بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِيهَا وَلَا بُدَّ قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا عَمَلٌ لَمْ يَأْتِ قَطُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَذَلِكَ أَنَّ فِيهِ مِمَّا قَدْ يُخَالِفُ كُلَّ أَثَرٍ جَاءَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، تَأْخِيرُ الطَّائِفَتَيْنِ مَعًا إتْمَامَ الرَّكْعَةِ الْبَاقِيَةِ لَهُمَا إلَى أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ، فَتَبْتَدِئُ أُولَاهُمَا بِالْقَضَاءِ، ثُمَّ لَا تَقْضِي الثَّانِيَةُ إلَّا حَتَّى تُسَلِّمَ الْأُولَى.

وَفِيهِ أَيْضًا مِمَّا يُخَالِفُ كُلَّ أَثَرٍ رُوِيَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ -: مَجِيءُ كُلِّ طَائِفَةٍ لِلْقَضَاءِ خَاصَّةً إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي صَلَّتْ فِيهِ مَعَ الْإِمَامِ بَعْدَ أَنْ زَالَتْ عَنْهُ إلَى مُوَاجِهَةِ الْعَدُوِّ

فَإِنْ قِيلَ: قَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ؟ قُلْنَا: قُلْتُمْ الْبَاطِلَ وَالْكَذِبَ، إنَّمَا جَاءَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - مِنْ طَرِيقٍ وَاهِيَةٍ - خَبَرٌ فِيهِ ابْتِدَاءُ الطَّائِفَتَيْنِ مَعًا بِالصَّلَاةِ مَعًا مَعَ الْإِمَامِ، وَأَنَّ الطَّائِفَةَ الَّتِي صَلَّتْ آخِرًا هِيَ بَدَأَتْ بِالْقَضَاءِ قَبْلَ الثَّانِيَةِ، وَلَيْسَ هَذَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَنْتُمْ تُعَظِّمُونَ خِلَافَ الصَّاحِبِ، لَا سِيَّمَا إذَا لَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ خِلَافُهُ؟ فَإِنْ قَالُوا: إنَّمَا تَخَيَّرْنَا ابْتِدَاءَ طَائِفَةٍ بَعْدَ طَائِفَةٍ اتِّبَاعًا لِلْآيَةِ؟ قُلْنَا: فَقَدْ خَالَفْتُمْ الْآيَةَ فِي إيجَابِكُمْ صَلَاةَ كُلِّ طَائِفَةٍ مَا بَقِيَ عَلَيْهَا بَعْدَ تَمَامِ صَلَاةِ الْإِمَامِ، وَإِنَّمَا قَالَ تَعَالَى: {فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} [النساء: ١٠٢] فَخَالَفْتُمْ الْقُرْآنَ، وَجَمِيعَ الْآثَارِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَحِيحِهَا وَسَقِيمِهَا، وَجَمِيعَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - بِلَا نَظَرٍ وَلَا قِيَاسٍ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِنَادِرَةٍ، وَهِيَ: أَنَّهُ قَالَ: يَلْزَمُ الْإِمَامُ الْعَدْلَ بَيْنَهُمْ، فَكَمَا صَلَّتْ الطَّائِفَةُ الْوَاحِدَةُ أَوَّلًا فَكَذَلِكَ تَقْضِي أَوَّلًا؟ قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا بَاطِلٌ، بَلْ هُوَ الْجَوْرُ وَالْمُحَابَاةُ، بَلْ الْعَدْلُ وَالتَّسْوِيَةُ هُوَ أَنَّهُ إذَا صَلَّتْ الْوَاحِدَةُ أَوَّلًا أَنْ تَقْضِيَ الثَّانِيَةُ أَوَّلًا، فَتَأْخُذَ كُلُّ طَائِفَةٍ بِحَظِّهَا مِنْ التَّقَدُّمِ وَبِحَظِّهَا مِنْ التَّأَخُّرِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ نَرَ قَطُّ مَأْمُومًا بَدَأَ بِالْقَضَاءِ قَبْلَ تَمَامِ صَلَاةِ إمَامِهِ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>