للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَلُّوطُ، وَقَدْ يُعْمَلُ مِنْهُ الْخُبْزُ وَالْعَصِيدَةُ؛ فَظَهَرَ فَسَادُ هَذَا الْقَوْلِ. وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فَأَشَدُّ وَأَبْيَنُ فِي الْفَسَادِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ عِلَّتُهُ التَّقَوُّتَ فَإِنَّ الْقَسْطَلَ، وَالْبَلُّوطَ، وَالتِّينَ، وَجَوْزَ الْهِنْدِ، وَاللُّفْتَ، بِلَا شَكٍّ أَقْوَى فِي التَّقَوُّتِ مِنْ الزَّيْتِ وَمِنْ الزَّيْتُونِ وَمِنْ الْحِمَّصِ وَمِنْ الْعَدَسِ وَمِنْ اللُّوبْيَاءِ.

وَالْعَجَبُ كُلُّهُ إيجَابُهُ الزَّكَاةَ فِي زَيْتِ الْفُجْلِ. وَهُوَ لَا يُؤْكَلُ، وَإِنَّمَا هُوَ لِلْوَقِيدِ خَاصَّةً؛ وَلَا يُعْرَفُ إلَّا بِأَرْضِ مِصْرَ فَقَطْ.

وَأَخْبَرَنِي ثِقَةٌ فِي نَقْلِهِ وَتَمْيِيزِهِ أَنَّ الْمُسَمَّى بِمِصْرَ فُجْلًا يُعْمَلُ مِنْهُ الزَّيْتُ الَّذِي رَأَى مَالِكٍ فِيهِ الزَّكَاةَ، هُوَ النَّبَاتُ الْمُسَمَّى عِنْدَنَا بِالْأَنْدَلُسِ " اللبشتر " وَهُوَ نَبَاتٌ صَحْرَاوِيٌّ لَا يُغْتَرَسُ أَصْلًا.

وَلَمْ يَرَ الزَّكَاةَ فِي زَيْتِ زَرِيعَةِ الْكَتَّانِ، وَلَا فِي زَيْتِ السِّمْسِمِ، وَزَيْتِ الْجَوْزِ، وَزَيْتِ الهركان، وَزَيْتِ الزنبوج وَزَيْتِ الضَّرْوِ وَهَذِهِ تُؤْكَلُ وَيُوقِدُ بِهَا، وَهِيَ زُيُوتُ خُرَاسَانَ، وَالْعِرَاقِ، وَأَرْضِ الْمُصَامَدَةِ، وَصِقِلِّيَّةَ؟ وَلَا مُتَعَلَّقَ لِقَوْلِهِ فِي قُرْآنٍ، وَلَا فِي سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ وَلَا فِي رِوَايَةٍ سَقِيمَةٍ، وَلَا مِنْ دَلِيلِ إجْمَاعٍ، وَلَا مِنْ قَوْلِ صَاحِبٍ، وَلَا مِنْ قِيَاسٍ، وَلَا مِنْ عَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا رَأَى فِيهِ الزَّكَاةَ لَيْسَ يُعْرَفُ بِالْمَدِينَةِ؟ وَمَا نَعْرِفُ هَذَا الْقَوْلَ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ: فَظَهَرَ فَسَادُ هَذَا الْقَوْلِ جُمْلَةً - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ أَنَّ مَالِكًا وَالشَّافِعِيَّ قَالَا نَصًّا عَنْهُمَا: إنَّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١] إنَّمَا أَرَادَ بِهِ الزَّكَاةَ الْوَاجِبَةَ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَكَيْفَ تَكُونُ هَذِهِ الْآيَةُ أَنْزَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي الزَّكَاةِ عِنْدَهُمَا، ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>