للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُسْقِطَانِ الزَّكَاةَ عَنْ أَكْثَرِ مَا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا بِاسْمِهِ مِنْ الرُّمَّانِ، وَسَائِرِ مَا يَكُونُ فِي الْجَنَّاتِ، وَهَذَا عَجَبٌ لَا نَظِيرَ لَهُ.

وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى الزَّكَاةَ فِيهَا فِيمَا يُحْصَدُ. فَقِيلَ لِلْمَالِكِيِّينَ: فَمِنْ أَيْنَ أَوْجَبْتُمْ الزَّكَاةَ فِي الزَّيْتُونِ، وَهُوَ عِنْدَكُمْ لَا يُحْصَدُ. وَيُقَالُ لِلشَّافِعِيِّينَ: مَنْ لَكُمْ بِأَنَّ الْحَصَادَ لَا يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ الزَّرْعِ. وَاَللَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ مَنَازِلَ الْكُفَّارِ فَقَالَ: {مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ} [هود: ١٠٠] . «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْفَتْحِ: اُحْصُدُوهُمْ حَصْدًا» .

وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ: فَأَسْقَطُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ كُلِّهَا وَأَشَدُّهَا تَنَاقُضًا؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَلْتَزِمَا التَّحْدِيدَ بِمَا يُتَقَوَّتُ، وَلَا بِمَا يُكَالُ، وَلَا بِمَا يُؤْكَلُ وَلَا بِمَا يَيْبَسُ، وَلَا بِمَا يُدَّخَرُ، وَأَتَيَا بِأَقْوَالٍ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ.

فَأَوْجَبَا الزَّكَاةَ فِي الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ، وَالْجِلَّوْزِ، وَالصَّنَوْبَرِ. وَأَسْقَطَاهَا عَنْ الْبَلُّوطِ، وَالْقَسْطَلِ، وَاللُّفْتِ. وَأَوْجَبَاهَا فِي الْبَسْبَاسِ، وَأَسْقَطَاهَا عَنْ الشُّونِيزِ، وَهُمَا أَخَوَانِ.

وَأَوْجَبَاهَا - فِي بَعْضِ الْأَقْوَالِ - فِي الثُّومِ وَالْبَصَلِ، وَأَسْقَطَاهَا عَنْ الْكُرَّاثِ. وَأَوْجَبَاهَا فِي خُيُوطِ الْكَتَّانِ وَحَبِّهِ.

وَأَوْجَبَاهَا فِي حَبِّ الْعُصْفُرِ وَنُوَّارِهِ.

وَأَوْجَبَاهَا فِي خُيُوطِ الْقُطْنِ دُونَ حَبِّهِ.

وَأَوْجَبَاهَا فِي خُيُوطِ الْقِنَّبِ، وَأَسْقَطَاهَا عَنْ خُيُوطِهِ.

وَأَوْجَبَاهَا فِي الْخَرْدَلِ، وَأَسْقَطَاهَا عَنْ الْحُرْفِ.

وَأَوْجَبَاهَا فِي الْعُنَّابِ، وَأَسْقَطَاهَا عَنْ النَّبْقِ وَهُمَا أَخَوَانِ.

وَأَوْجَبَاهَا فِي الرُّمَّانِ، وَأَسْقَطَاهَا عَنْ التُّفَّاحِ وَالسَّفَرْجَلِ وَهِيَ سَوَاءٌ.

فَإِنْ قِيلَ: الرُّمَّانُ مَذْكُورٌ فِي الْآيَةِ. قِيلَ: وَالزَّرْعُ مَذْكُورٌ فِي الْآيَةِ. وَقَدْ أَسْقَطَا الزَّكَاةَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُزْرَعُ.

وَهَذِهِ وَسَاوِسُ تُشْبِهُ مَا يَأْتِي بِهِ الْمَمْرُورُ. وَمَا لَهُمَا مُتَعَلِّقٌ لَا مِنْ قُرْآنٍ وَلَا مِنْ سُنَّةٍ، وَلَا مِنْ رِوَايَةٍ ضَعِيفَةٍ، وَلَا مِنْ قَوْلِ صَاحِبٍ، وَلَا قِيَاسٍ وَلَا رَأْيٍ سَدِيدٍ، وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا

<<  <  ج: ص:  >  >>