للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ فَهُوَ مَا لَمْ يُحْرِمْ بِالْحَجِّ، فَلَيْسَ مُتَمَتِّعًا بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ - حَتَّى الْآنَ - هَدْيٌ، وَلَا صَوْمٌ.

وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي أَنَّ الْمُسْلِمَ إنْ اعْتَمَرَ، وَهُوَ يُرِيدُ التَّمَتُّعَ ثُمَّ لَمْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَلَا صَوْمَ، فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ إلَّا بِدُخُولِهِ فِي الْحَجِّ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِيرُ مُتَمَتِّعًا بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، فَإِذًا لَا شَكَّ فِي هَذَا فَإِنَّمَا حُكْمُهُ حِينَ وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْحُكْمُ بِالتَّمَتُّعِ لَا قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا بَعْدَ ذَلِكَ.

فَإِنْ كَانَ فِي أَثَرٍ حِينَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ قَادِرًا عَلَى هَدْيٍ فَفَرْضُهُ الْهَدْيُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ سَوَاءٌ أَعْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ كَانَ مُعْسِرًا قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - عَلَيْهِ مِنْ الْهَدْيِ بِدَعْوَى لَا بُرْهَانَ عَلَى صِحَّتِهَا مِنْ قُرْآنٍ وَلَا سُنَّةٍ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُهْدِيَ مَتَى وَجَدَ.

فَإِنْ كَانَ فِي أَثَرٍ حِينَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ لَا يَقْدِرُ عَلَى هَدْيٍ فَفَرْضُهُ الصَّوْمُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ سَوَاءً كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ قَادِرًا عَلَى هَدْيٍ أَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ - تَعَالَى - عَلَيْهِ بِالْقُرْآنِ بِدَعْوَى لَا بُرْهَانَ عَلَى صِحَّتِهَا مِنْ قُرْآنٍ وَلَا سُنَّةٍ.

وَقَاسَهُ الْحَنَفِيُّونَ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ الَّتِي لَمْ تَحِضْ تَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ فَتَحِيضُ قَبْلَ إتْمَامِ عِدَّتِهَا فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ إلَى الْعِدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ، أَوْ بِالْمُطَلَّقَةِ يَمُوتُ زَوْجُهَا قَبْلَ تَمَامِ عِدَّتِهَا فَتَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا قِيَاسٌ، وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ هَذَا مِنْهُ عَيْنَ الْبَاطِلِ لِأَنَّهُ لَا نِسْبَةَ بَيْنَ الْحَجِّ وَبَيْنَ الطَّلَاقِ، وَإِنَّمَا انْتَقَلَتْ الَّتِي لَمْ تَحِضْ إلَى الْعِدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ جَاءَ بِذَلِكَ نَصًّا، وَبِأَنَّ عِدَّةَ الْمُطَلَّقَةِ الْأَقْرَاءُ إلَّا أَنَّ الَّتِي لَمْ تَحِضْ أَوْ يَئِسَتْ مِنْ الْحَيْضِ عِدَّتُهَا الشُّهُورُ، فَإِذَا حَاضَتْ فَبِيَقِينٍ نَدْرِي أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ اللَّوَاتِي لَمْ يَحِضْنَ، وَلَا مِنْ اللَّائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ فَوَجَبَ أَنْ تَعْتَدَّ بِمَا أَمَرَهَا اللَّهُ - تَعَالَى - أَنْ تَعْتَدَّ بِهِ مِنْ الْأَقْرَاءِ، وَإِنَّمَا انْتَقَلَتْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ؛ لِأَنَّهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ فَهِيَ زَوْجَةٌ لَهُ، وَجَمِيعُ أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ بَاقٍ عَلَيْهَا، وَتَرِثُهُ وَيَرِثُهَا، فَإِذَا مَاتَ زَوْجُهَا لَزِمَهَا أَنْ تَعْتَدَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا كَمَا أَمَرَهَا اللَّهُ - تَعَالَى، فَظَهَرَ تَخْلِيطُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ، وَجَهْلُهُمْ بِالْقِيَاسِ، وَخِلَافُهُمْ الْقُرْآنَ بِآرَائِهِمْ.

وَأَمَّا قَوْلُنَا: إنَّ هَذَا حُكْمُ مَنْ كَانَ أَهْلُهُ قَاطِنِينَ فِي الْحَرَمِ بِمَكَّةَ فَلِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>