قَالَ: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٦] وَوَجَدْنَا النَّاسَ اخْتَلَفُوا - فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: حَاضِرُو الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ هُوَ مَنْ كَانَ سَاكِنًا فِي أَحَدِ الْمَوَاقِيتِ فَمَا بَيْنَ ذَلِكَ إلَى مَكَّةَ وَهُوَ قَوْلٌ رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ، وَصَحَّ عَنْ مَكْحُولٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هُمْ مَنْ كَانَ مِنْ مَكَّةَ عَلَى أَرْبَعَةِ بُرْدٍ بِحَيْثُ لَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ إلَى مَكَّةَ؛ وَصَحَّ هَذَا عَنْ عَطَاءٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: هُمْ أَهْلُ مَكَّةَ، وَذِي طُوًى. وَقَالَ سُفْيَانُ، وَدَاوُد: هُمْ أَهْلُ دُورِ مَكَّةَ فَقَطْ؛ وَصَحَّ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَعَنْ الْأَعْرَجِ. وَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ: أَنَّهُمْ أَهْلُ مَكَّةَ إلَّا أَنَّ طَاوُسًا قَالَ: إذَا اعْتَمَرَ الْمَكِّيُّ مِنْ أَحَدِ الْمَوَاقِيتِ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُتَمَتِّعِ - رُوِّينَا ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ فِي حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قَالَ: مَنْ كَانَ أَهْلُهُ مِنْ مَكَّةَ عَلَى يَوْمٍ أَوْ نَحْوِهِ.
وَقَالَ آخَرُونَ: هُمْ أَهْلُ الْحَرَمِ كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ: الْحَرَمُ كُلُّهُ.
وَمِنْ طَرِيقِ الْحُذَافِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ نَا مَعْمَرٌ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ رَجُلٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ، وَقَالَ سُفْيَانُ: عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، ثُمَّ اتَّفَقَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ فِي قَوْلِ اللَّهِ - تَعَالَى -: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٦] قَالُوا كُلُّهُمْ: هِيَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ فِي الْحَرَمِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ فَفِي غَايَةِ الْفَسَادِ، وَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا: وَجَدْنَا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَا دُونَ الْمَوَاقِيتِ لَا يَجُوزُ لَهُمْ إذَا أَرَادُوا الْحَجَّ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute