للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَيْمُونَةَ الْمُتَّكِئَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى فِرَاشٍ وَاحِدٍ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى، الْقَدِيمَةِ الْإِسْلَامِ وَالصُّحْبَةِ، وَلَكِنْ نَقْرِنُ يَزِيدَ بْنَ الْأَصَمِّ إلَى أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَا يُقْطَعُ بِفَضْلِهِمْ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: قَدْ يَخْفَى عَلَى مَيْمُونَةَ إحْرَامُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ تَزَوَّجَهَا فَكَلَامٌ سَخِيفٌ، وَيُعَارَضُونَ بِأَنْ يُقَالَ لَهُمْ: قَدْ يَخْفَى عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ إحْلَالُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ إحْرَامِهِ، فَالْمُخْبِرَةُ عَنْ كَوْنِهِ قَدْ أَحَلَّ زَائِدَةٌ عِلْمًا؛ فَحَصَلْنَا عَلَى: قَدْ يَخْفَى وَقَدْ لَا يَخْفَى؟ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَارِدٌ بِحُكْمٍ زَائِدٍ فَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ خَبَرُ عُثْمَانَ هُوَ الْوَارِدُ بِالْحُكْمِ الزَّائِدِ عَلَى مَا نُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى؛ فَبَطَلَ كُلُّ مَا شَغَبُوا بِهِ، فَبَقِيَ أَنْ نُرَجِّحَ خَبَرَ عُثْمَانَ، وَخَبَرَ مَيْمُونَةَ عَلَى خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ جَمِيعِهِمْ.

فَنَقُولُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ -: خَبَرُ يَزِيدَ عَنْ مَيْمُونَةَ هُوَ الْحَقُّ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهْمٌ مِنْهُ بِلَا شَكٍّ لِوُجُوهٍ بَيِّنَةٍ -: أَوَّلِهَا: أَنَّهَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَعْلَمُ بِنَفْسِهَا مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ لِاخْتِصَاصِهَا بِتِلْكَ الْقِصَّةِ دُونَهُ؛ هَذَا مَا لَا يَشُكُّ فِيهِ أَحَدٌ. وَثَانِيهَا:

أَنَّهَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كَانَتْ حِينَئِذٍ امْرَأَةٌ كَامِلَةٌ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَوْمئِذٍ ابْنَ عَشْرَةِ أَعْوَامٍ وَأَشْهُرٍ فَبَيْنَ الضَّبْطَيْنِ فَرْقٌ لَا يَخْفَى. وَالثَّالِثِ:

أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إنَّمَا تَزَوَّجَهَا فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، هَذَا مَا لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ اثْنَانِ وَمَكَّةُ يَوْمئِذٍ دَارُ حَرْبٍ، وَإِنَّمَا هَادَنَهُمْ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى أَنْ يَدْخُلَهَا مُعْتَمِرًا وَيَبْقَى بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَطْ ثُمَّ يَخْرُجَ، فَأَتَى مِنْ الْمَدِينَةِ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ وَلَمْ يُقَدِّمْ شَيْئًا، إذْ دَخَلَ عَلَى الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَتَمَّ إحْرَامَهُ فِي الْوَقْتِ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَحَدٌ فِي أَنَّهُ إنَّمَا تَزَوَّجَهَا بِمَكَّةَ حَاضِرًا بِهَا لَا بِالْمَدِينَةِ.

فَصَحَّ أَنَّهُ بِلَا شَكٍّ إنَّمَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ تَمَامِ إحْرَامِهِ لَا فِي حَالِ طَوَافِهِ وَسَعْيِهِ فَارْتَفَعَ الْإِشْكَالُ جُمْلَةً، وَبَقِيَ خَبَرُ مَيْمُونَةَ، وَخَبَرُ عُثْمَانَ، لَا مُعَارِضَ لَهُمَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>