للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قَالُوا: مَقْتُولًا؟ قُلْنَا: هُوَ عِنْدَكُمْ جِيفَةٌ مَيِّتَةٌ، وَلَا قِيمَةَ لِلْمَيْتَةِ؛ ثُمَّ هُوَ أَيْضًا مِنْكُمْ قَوْلٌ بِلَا بُرْهَانٍ.

وَإِنْ قَالُوا: بَلْ يُقَوَّمُ حَيًّا؟ قُلْنَا: وَمَا بُرْهَانُكُمْ عَلَى ذَلِكَ وَقِيمَتُهُ حَيًّا تَخْتَلِفُ فَيَكُونُ حِمَارُ وَحْشٍ يَرْغَبُ فِيهِ الْمُلُوكُ حَيًّا فَيُغَالُونَ بِهِ فَإِذَا ذُكِّيَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَبِيرُ قِيمَةٍ، ثُمَّ فِي أَيِّ الْمَوَاضِعِ يُقَوَّمُ؟ فَإِنْ قَالُوا: حَيْثُ أُصِيبَ؟ قُلْنَا: فَإِنْ أُصِيب بِفَلَاةٍ لَا قِيمَةَ لَهُ فِيهَا أَصْلًا؟ وَكُلُّ مَا قَالُوهُ فَبِلَا دَلِيلٍ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَاخْتَلَفَ النَّاسُ هَاهُنَا فِي مَوَاضِعَ، أَحَدُهَا التَّخْيِيرُ -: فَقَالَ قَوْمٌ: هَذَا عَلَى التَّرْتِيبِ وَلَا يُجْزِئُهُ إلَّا الْهَدْيُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَالْإِطْعَامُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَالصِّيَامُ -: رُوِّينَا هَذَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إذَا أَصَابَ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ جَزَاءُ ذَبْحِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ جَزَاءٌ قُوِّمَ جَزَاؤُهُ دَرَاهِمَ؛ ثُمَّ قُوِّمَتْ الدَّرَاهِمُ طَعَامًا فَصَامَ مَكَانَ كُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا، وَإِنَّمَا جُعِلَ الطَّعَامَ لِلصَّائِمِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وُجِدَ الطَّعَامُ وُجِدَ جَزَاؤُهُ.

وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَعَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانٍ - وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ.

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ اللَّيْثِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ " أَوْ " فَهُوَ مُخَيَّرٌ وَكُلُّ شَيْءٍ {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} [البقرة: ١٩٦] فَهُوَ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ.

وَرُوِّينَا التَّخْيِيرَ أَيْضًا: عَنْ عَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَهُوَ

قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ.

وَإِذَا تَنَازَعَ النَّاسُ فَالْمَرْجِعُ إلَى الْقُرْآنِ، وَحُكْمُ الْقُرْآنِ التَّخْيِيرُ، وَلَقَدْ كَانَ يَلْزَمُ مَنْ قَاسَ قَاتِلَ الصَّيْدِ خَطَأً عَلَى الْعَامِدِ فِي إيجَابِ الْكَفَّارَةِ، أَوْ عَلَى قَاتِلِ الْخَطَأِ أَنْ يَقِيسَ حُكْمَ كَفَّارَةِ الصَّيْدِ عَلَى كَفَّارَةِ الْقَتْلِ فَيَجْعَلُهَا عَلَى التَّرْتِيبِ كَمَا كَفَّارَةُ الْقَتْلِ عَلَى التَّرْتِيبِ وَإِلَّا فَقَدْ تَنَاقَضُوا؟ وَمِنْهَا اسْتِئْنَافُ التَّحْكِيمِ فَإِنَّ الرِّوَايَةَ جَاءَتْ عَنْ طَاوُسٍ: أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الْحُكْمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>