للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَقَدْ كَانَ قَتْلُ جَعْفَرٍ، وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَابْنِ رَوَاحَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ يَوْمَ مُؤْتَةَ، فَيَوْمُ حُنَيْنٍ حُكْمُهُ نَاسِخٌ لِمَا تَقَدَّمَ لَوْ كَانَ خِلَافَهُ.

وَمَوَّهُوا أَيْضًا بِخَبَرِ قَتْلِ أَبِي جَهْلٍ يَوْمَ بَدْرٍ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِسَلَبِهِ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ وَهُوَ أَحَدُ قَاتِلِيهِ، وَالثَّانِي: مُعَاذُ ابْنُ عَفْرَاءَ، وَأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَتَلَهُ أَيْضًا فَنَفَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَيْفَهُ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي هَذَا كُلِّهِ، وَأَيْنَ يَوْمُ بَدْرٍ مِنْ يَوْمِ حُنَيْنٍ وَبَيْنَهُمَا أَعْوَامٌ؟ وَمَا نَزَلَ حُكْمُ الْغَنَائِمِ إلَّا بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ فَكَيْفَ يَكُونُ السَّلَبُ لِلْقَاتِلِ؟

وَمَوَّهُوا بِخَبَرٍ سَاقِطٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ «عَنْ رَجُلٍ مِنْ بُلْقِينَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ أَحَدٌ أَحَقُّ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَغْنَمِ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَ: لَا، حَتَّى السَّهْمُ يَأْخُذُهُ أَحَدُكُمْ مِنْ جَنْبِهِ فَلَيْسَ أَحَقَّ مِنْ أَخِيهِ بِهِ» . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا عَنْ رَجُلٍ مَجْهُولٍ لَا يُدْرَى أَصَدَقَ فِي ادِّعَائِهِ الصُّحْبَةَ أَمْ لَا؟ ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَنَّ الْخُمُسَ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ يَسْتَحِقُّهُ دُونَ أَهْلِ الْغَنِيمَةِ مَنْ لَمْ يَشْهَدْ الْغَنِيمَةَ بِلَا خِلَافٍ، فَالسَّلَبُ مَضْمُومٌ إلَى ذَلِكَ بِالنَّصِّ.

ثُمَّ يُقَالُ لَهُمْ: هَلَّا احْتَجَجْتُمْ بِهَذَا الْخَبَرِ عَلَى أَنْفُسِكُمْ فِي قَوْلِكُمْ: إنَّ الْقَاتِلَ أَحَقُّ بِالسَّلَبِ مِنْ غَيْرِهِ إذَا قَالَ الْإِمَامُ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ؟ فَكَانَ هَذَا الْخَبَرُ عِنْدَكُمْ مَخْصُوصًا بِقَوْلِ مَنْ لَا وَزْنَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ تَخُصُّوهُ بِقَوْلِ مَنْ لَا إيمَانَ لَكُمْ إنْ لَمْ تُسَلِّمُوا لِأَمْرِهِ وَقَضَائِهِ، تَبًّا لِهَذِهِ الْعُقُولِ الْمَكِيدَةِ.

وَمَوَّهُوا بِمَا رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ وَاقِدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ يَسَارٍ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ «أَنَّ حَبِيبَ بْنَ مَسْلَمَةَ قَتَلَ قَتِيلًا فَأَرَادَ أَبُو عُبَيْدَةَ أَنْ يُخَمِّسَ سَلَبَهُ، فَقَالَ لَهُ حَبِيبٌ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِلِ، فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ: مَهْلًا يَا حَبِيبُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: إنَّمَا لِلْمَرْءِ مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُ إمَامِهِ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>