وَأَمَّا خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَإِنَّهُ مِنْ طَرِيقِ الْمُشْمَعِلِّ بْنِ مِلْحَانَ وَهُوَ مَجْهُولٌ عَنْ النَّضْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ خَزَّازٌ بَصْرِيٌّ يُكَنَّى أَبَا بَكْرٍ - مُنْكَرُ الْحَدِيثِ ضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ فِيهِ ابْنُ مَعِينٍ: لَا تَحِلُّ الرِّوَايَةُ عَنْهُ - وَلَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ، لِأَنَّ فِيهِ النَّهْيَ عَنْ السُّكْرِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ «فَإِذَا خِفْتَ فَدَعْ» أَيْ إذَا خِفْت أَنْ يَكُونَ مُسْكِرًا - فَسَقَطَ التَّعَلُّقُ بِهِ. وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي مُوسَى: فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ مِنْ طَرِيقِ شَرِيكٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَرِيكٍ مُدَلِّسٌ وَضَعِيفٌ فَسَقَطَ. وَقَدْ رَوَاهُ الثِّقَاتُ بِخِلَافِ هَذَا -: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ دِينَارٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، وَشُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ، كُلِّهِمْ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، كُلُّ مَا أَسْكَرَ عَنْ الصَّلَاةِ فَهُوَ حَرَامٌ، أَنْهَى عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ أَسْكَرَ عَنْ الصَّلَاةِ» فَهَذَا هُوَ الْحَقُّ الثَّابِتُ لَا رِوَايَةُ كُلِّ ضَعِيفٍ، وَمُدَلِّسٍ، وَكَذَّابٍ، وَمَجْهُولٍ. وَخَبَرٌ رُوِّينَاهُ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اشْرَبُوا فِي الظُّرُوفِ وَلَا تَسْكَرُوا» - وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ وَسِمَاكٌ يَقْبَلُ التَّلْقِينَ شَهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ شُعْبَةُ، وَغَيْرُهُ. ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا فِيهِ النَّهْيُ عَنْ السُّكْرِ وَلَيْسَ فِيهِ مَانِعٌ مِنْ تَحْرِيمِ مَا يَصِحُّ تَحْرِيمُهُ مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ فِي هَذَا الْخَبَرِ. وَقَدْ صَحَّ تَحْرِيمُ كُلِّ مَا أَسْكَرَ كَمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَصَحِّ طَرِيقٍ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَخَبَرٌ: مِنْ طَرِيقِ سَوَّارِ بْنِ مُصْعَبٍ، وَسَعِيدِ بْنِ عُمَارَةَ، قَالَ سَوَّارٌ: عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَقَالَ سَعِيدٌ: عَنْ الْحَارِثِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ أَنَسٍ، ثُمَّ اتَّفَقَ أَبُو سَعِيدٍ وَأَنَسٌ قَالَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «حُرِّمَتْ الْخَمْرُ بِعَيْنِهَا قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا وَالسُّكْرُ مِنْ كُلِّ شَرَابٍ» وَسَوَّارٌ مَذْكُورٌ بِالْكَذِبِ، وَعَطِيَّةُ هَالِكٌ، وَالْحَارِثُ، وَسَعِيدٌ مَجْهُولَانِ لَا يُدْرَى مَنْ هُمَا ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمْ تَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَنَّ رِوَايَةَ شُعْبَةَ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ أَبِي عَوْنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّتِي ذَكَرْنَا آنِفًا زَائِدَةٌ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَزِيَادَةُ الْعَدْلِ لَا يَجُوزُ رَدُّهَا. وَخَبَرٌ: رُوِيَ فِيهِ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ لِعَبْدِ الْقَيْسِ اشْرَبُوا مَا طَابَ لَكُمْ» رُوِّينَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute