مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مُلَازِمِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَجِيبَةَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ عَمّه قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ عَنْ أَبِيهِ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ لِوُجُوهٍ -: أَوَّلُهَا: أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ عَجِيبَةَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَهُوَ مَجْهُولٌ لَا يُدْرَى مَنْ هُوَ - ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَنَّ مَا طَابَ لَنَا هُوَ مَا أُحِلَّ لَنَا كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣] فَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا إبَاحَةُ مَا قَدْ صَحَّ تَحْرِيمُهُ. وَخَبَرٌ: رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَّهُ «نَهَى عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَالْكُوبَةِ وَالْغُبَيْرَاءِ» وَقَالَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» قَالُوا: فَقَدْ فَرَّقَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَيْنَ الْكُوبَةِ، وَالْغُبَيْرَاءِ، وَالْخَمْرِ، فَلَيْسَا خَمْرًا. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ بَلْ هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ مِنْ طَرِيقِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدَةَ وَهُوَ مَجْهُولٌ - وَأَمَّا كَوْنُهُ حُجَّةً عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ لَوْ صَحَّ لَكَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَدْ سَاوَى بَيْنَ كُلِّ ذَلِكَ فِي النَّهْيِ وَالْخَمْرُ وَسَائِرُ الْأَشْرِبَةِ سَوَاءٌ فِي النَّهْيِ عَنْهَا وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِهِمْ. وَأَيْضًا: فَلَيْسَ التَّفْرِيقُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ فِي الذِّكْرِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُمَا شَيْئَانِ مُتَغَايِرَانِ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} [البقرة: ٩٨] لَمْ يَكُنْ هَذَا مُوجِبًا أَنَّهُمَا - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - لَيْسَا مِنْ الْمَلَائِكَةِ. وَهَكَذَا إذَا صَحَّ أَنَّ الْخَمْرَ هِيَ كُلُّ مُسْكِرٍ لَمْ يَكُنْ ذِكْرُ الْخَمْرِ وَالْكُوبَةِ وَالْغُبَيْرَاءِ مَانِعًا مِنْ أَنْ تَكُونَ الْكُوبَةُ وَالْغُبَيْرَاءُ خَمْرًا - وَقَدْ صَحَّ «أَنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ خَمْرًا» وَأَيْضًا: فَفِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِهِمْ - فَمَا رَأَيْنَا أَقْبَحَ مُجَاهِرَةٍ مِنْ احْتِجَاجِهِمْ بِمَا هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ؟ وَخَبَرٌ: رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ «ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِنَبِيذٍ فَوَجَدَهُ شَدِيدًا فَرَدَّهُ فَقِيلَ: أَحَرَامٌ هُوَ؟ قَالَ: فَاسْتَرَدَّهُ ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَصَبَّهُ فِيهِ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ قَالَ: إذَا اغْتَلَمَتْ عَلَيْكُمْ هَذِهِ الْأَوْعِيَةُ فَاكْسِرُوا مُتُونَهَا بِالْمَاءِ» . وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - مِثْلُهُ، وَفِيهِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: «إذَا اشْتَدَّ عَلَيْكُمْ فَاكْسِرُوهُ بِالْمَاءِ» وَمِثْلُهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَسْعُودٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute