للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا خِلَافَ مِنْ أَنَّ مَسْرُوقًا أَجَلُّ مِنْ عُرْوَةَ؛ لِأَنَّهُ أَفْتَى فِي خِلَافَةِ عُمَرَ وَكَانَ أَخَصَّ النَّاسِ بِأُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - وَشَقِيقٌ أَجَلُّ مِنْ الزُّهْرِيِّ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَرَهُ، وَصَحِبَ الصَّحَابَةَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْأَكَابِرَ الْأَكَابِرَ.

وَالْأَعْمَشُ إنَّمَا يُعَارَضُ بِهِ شُيُوخَ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَدْرَكَ أَنَسًا وَرَآهُ، فَهُوَ مِنْ التَّابِعِينَ مِنْ الْقَرْنِ الثَّانِي، وَإِنَّمَا فِيهِ كَمَا تَرَى بِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَرَدَّهُ بِإِذْنِهَا، لَا بِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ بِاللَّفْظِ.

وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مُرْسَلًا كَذَلِكَ، مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ - فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِخَبَرِ أَبِي بَكْرٍ جُمْلَةً وَعَادَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ - وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ، وَصَحَّ أَنَّهُمَا رَأَيَا الْهِبَةَ جَائِزَةً بِغَيْرِ قَبْضٍ.

وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ: لَا تَجُوزُ صَدَقَةٌ حَتَّى تُقْبَضَ فَبَاطِلٌ؛ لِأَنَّ رَاوِيَهَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيُّ - وَهُوَ هَالِكٌ مُطْرَحٌ. وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ عُمَرَ الْمُوَافِقَةُ لِلرِّوَايَةِ عَنْ عُثْمَانَ فَلَا شَيْءَ؛ لِأَنَّ ابْنَ وَهْبٍ لَمْ يُسَمِّ مَنْ أَخْبَرَهُ بِهَا - وَالرِّوَايَةُ عَنْ مُعَاذٍ فِيهَا جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، وَبَقِيَّةُ الرِّوَايَةِ عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، فَهِيَ حُجَّةٌ إلَّا أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا -: فَعُمَرُ عَمَّ كُلَّ مَوْهُوبٍ، وَعُثْمَانُ خَصَّ مِنْ ذَلِكَ صِغَارَ الْوَلَدِ، وَإِنَّمَا هِيَ رَأْيٌ مِنْ رَأْيِهِمَا اخْتَلَفَا فِيهِ، لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ عَلَى أَحَدٍ - وَقَدْ صَحَّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعَائِشَةَ خِلَافُ ذَلِكَ، كَمَا أَوْرَدْنَا.

وَأَيْضًا - فَإِنَّمَا هُوَ عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ فِي النُّحْلِ خَاصَّةً، لَا فِي الصَّدَقَةِ.

وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ نا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ عِيسَى بْنَ الْمُسَيِّبِ يُحَدِّثُ: أَنَّهُ سَمِعَ الْقَاسِمَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: الصَّدَقَةُ جَائِزَةٌ، قُبِضَتْ أَوْ لَمْ تُقْبَضْ.

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ: يُجِيزَانِ الصَّدَقَةَ - وَإِنْ لَمْ تُقْبَضْ - فَهَذَا إسْنَادٌ كَإِسْنَادِ حَدِيثِ مُعَاذٍ، وَتِلْكَ الْمُنْقَطِعَاتُ.

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا وَكِيعٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>