للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُسَاءُ إلَيْهِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ نَصَّهَا {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: ٤٠] وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ هَذَا لَيْسَ لِلْكُفَّارِ وَلَا أَجْرَ لَهُمْ أَلْبَتَّةَ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: ١٢٦] فَكَذَلِكَ أَيْضًا إنَّمَا هُوَ خِطَابٌ لِلْمُؤْمِنِينَ خَاصَّةً، يُبَيِّنُ ذَلِكَ ضَرُورَةً قَوْله تَعَالَى فِيهَا: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: ١٢٦] وَلَا خَيْرَ لِكَافِرٍ أَصْلًا صَبَرَ أَوْ لَمْ يَصْبِرْ -: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: ٢٣] .

وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} [الشورى: ٤١] {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [الشورى: ٤٢] وقَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا} [الإسراء: ٣٣] .

وقَوْله تَعَالَى: {ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ} [الحج: ٦٠] .

وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى} [البقرة: ١٧٨] الْآيَةَ.

وَالْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ الَّتِي فِيهَا «النَّفْسُ بِالنَّفْسِ» وَ «مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَإِمَّا يُودَى وَإِمَّا يُقَادُ» .

فَإِنَّ كُلَّ ذَلِكَ يُخَصُّ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ} [القلم: ٣٥] {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [القلم: ٣٦] .

وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ} [السجدة: ١٨] وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: ١٤١] .

فَوَجَبَ يَقِينًا أَنَّ الْمُسْلِمَ لَيْسَ كَالْكَافِرِ فِي شَيْءٍ أَصْلًا، وَلَا يُسَاوِيهِ فِي شَيْءٍ، فَإِذْ هُوَ كَذَلِكَ فَبَاطِلٌ أَنْ يُكَافِئَ دَمُهُ بِدَمِهِ، أَوْ عُضْوُهُ بِعُضْوِهِ أَوْ بَشَرَتُهُ بِبَشَرَتِهِ - فَبَطَلَ أَنْ يُسْتَقَادَ لِلْكَافِرِ مِنْ الْمُؤْمِنِ، أَوْ يُقْتَصَّ لَهُ مِنْهُ - فِيمَا دُونَ النَّفْسِ - إذْ لَا مُسَاوَاةَ بَيْنَهُمَا أَصْلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>