{وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤]
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ خِلَاسٍ قَالَ: اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ أَرْبَعَةَ رِجَالٍ لِيَحْفِرُوا لَهُ بِئْرًا فَحَفَرُوهَا فَانْخَسَفَتْ بِهِمْ الْبِئْرُ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ؟ فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَضَمِنَ الثَّلَاثَةُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ وَطُرِحَ عَنْهُ رُبْعُ الدِّيَةِ.
قَالَ عَلِيٌّ: أَمَّا الْأَثَرُ فِي وَضْعِ عَلِيٍّ الدِّيَةَ فِي قِصَّةِ الْحَفَّارِينَ فَهِيَ ثَابِتَةٌ عَنْهُ، وَهِيَ مُوَافَقَةٌ لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِنَا - وَهُمْ يُشَنِّعُونَ عَلَى مَنْ خَالَفَ الصَّاحِبَ إذَا وَافَقَ آرَاءَهُمْ؟ وَهُمْ قَدْ خَالَفُوا هَاهُنَا الرِّوَايَةَ الثَّابِتَةَ عَنْ عَلِيٍّ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَهَذَا يُوضِحُ عَظِيمَ تَنَاقُضِهِمْ. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَأَمَّا نَحْنُ فَلَا حُجَّةَ عِنْدَنَا فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْحَفَّارُونَ كُلُّهُمْ بَاشَرَ هَدْمَ مَا انْهَارَ عَلَى الَّذِي هَلَكَ مِنْهُمْ، فَعَلَى عَوَاقِلِهِمْ كُلِّهِمْ عَوَاقِلِ الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتُوا كُلُّهُمْ دِيَةٌ دِيَةٌ لِكُلِّ مَنْ مَاتَ - يَعْنِي أَنَّ فِي كُلِّ مَيِّتٍ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَطْ تُؤَدَّى إلَى عَوَاقِلِ جَمِيعِهِمْ وَعَاقِلَةُ الْمَيِّتِ فِي جُمْلَتِهِمْ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أُجَرَاءَ اُسْتُؤْجِرُوا لِيَهْدِمُوا حَائِطًا فَخَرَّ عَلَيْهِمْ فَمَاتَ بَعْضُهُمْ: أَنَّهُ يَغْرَمُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ الدِّيَةَ عَلَى مَنْ بَقِيَ.
وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا وَكِيعٌ نا مُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَ أَعْمَى يُنْشِدُ النَّاسَ فِي زَمَانِ عُمَرَ يَقُولُ:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ لَقِيت مُنْكَرَا ... هَلْ يَعْقِلُ الْأَعْمَى الصَّحِيحَ الْمُبْصِرَا
خَرَّا مَعًا كِلَاهُمَا تَكَسَّرَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute