وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ، فُرِضَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ - الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ - فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَيُضَمُّ إلَيْهِمْ أَقْرَبُ الْقَبَائِلِ إلَيْهِمْ فِي النَّسَبِ حَتَّى يُصِيبَ الرَّجُلُ مِنْ الدِّيَةِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ أَرْبَعَةً.
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: الدِّيَةُ تَكُونُ عِنْدَ الْأَعْطِيَةِ عَلَى الرِّجَالِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ: الْعَقْلُ عَلَى رُءُوسِ الرِّجَالِ فِي عَطِيَّةِ الْمُقَاتَلَةِ.
وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: الْعَقْلُ عَلَى الْقَاتِلِ، وَعَلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ يَأْخُذُ مَعَهُمْ الْعَطَاءَ، وَلَا يَكُونُ عَلَى قَوْمِهِ مِنْهُ شَيْءٌ.
وَقَالَ مَالِكٌ: الدِّيَةُ عَلَى الْقَبَائِلِ عَلَى الْغَنِيِّ قَدَرُهُ، وَمَنْ دُونَهُ عَلَى قَدْرِهِ، وَعَقْلُ الْمَوَالِي يَلْتَزِمُهُ أَهْلُ الْعَاقِلَةِ - شَاءُوا أَمْ أَبَوْا، كَانُوا أَهْلَ دِيوَانٍ، أَوْ مُنْقَطِعِينَ - قَدْ تَعَاقَلَ النَّاسُ زَمَنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ، وَإِنَّمَا كَانَ الدِّيوَانُ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَإِذَا انْقَطَعَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ إلَى الْقُرَى، إلَى الْمَدِينَةِ، وَمَا يُشْبِهُهَا مِنْ أُمَّهَاتِ الْقُرَى فَسَكَنَهَا وَثَوَى بِهَا: رَأَيْت أَنْ يَضُمَّ عَقْلَهُ إلَى قَوْمِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقَرْيَةِ مَنْ يَحْمِلُ عَقْلَهُ مِنْ قَوْمِهِ ضُمَّ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ بِقَبِيلَتِهِ مِنْ الْقَبَائِلِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابُهُمَا: الْعَقْلُ عَلَى ذَوِي الْأَنْسَابِ دُونَ أَهْلِ الدِّيوَانِ، وَالْحُلَفَاءِ: الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ بَنِي أَبِيهِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي جَدِّهِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي جَدِّ أَبِيهِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَلَمَّا اخْتَلَفُوا - كَمَا ذَكَرْنَا - وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِيمَا احْتَجَّتْ بِهِ كُلُّ طَائِفَةٍ لِقَوْلِهَا بَعْدَ أَنْ رَجَعَتْ الْأَقْوَالُ فِي ذَلِكَ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ فَقَطْ: أَحَدُهَا - قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْ مَعَهُ: عَلَى أَنَّ الْعَاقِلَةَ عَلَى أَهْلِ الدِّيوَانِ، لَا عَلَى عَصَبَةِ الْجَانِي.
وَالْآخَرُ - قَوْلُ مَالِكٍ وَمَنْ مَعَهُ: أَنَّ الْعَاقِلَةَ عَلَى قَوْمِهِ الَّذِينَ مَعَهُ فِي الْمَدِينَةِ وَنَحْوِهَا، لَا عَلَى مَنْ كَانَ مِنْهُمْ فِي الْبَادِيَةِ.
وَالثَّالِثُ - قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَمَنْ مَعَهُمَا: أَنَّ الْعَاقِلَةَ عَلَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ عَصَبَتِهِ، مِنْ بَنِي أَبِيهِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي أَجْدَادِهِ أَبًا فَأَبًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute