حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ وَأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إلَّا شِدَّةً» .
وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ ني زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ نا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ - هُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ - نا أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ: «كَانَتْ ثَقِيفُ حُلَفَاءَ لِبَنِي عَقِيلٍ فَأَسَرَتْ ثَقِيفُ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَسَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا مِنْ بَنِي عَقِيلٍ وَأَصَابُوا مَعَهُ الْعَضْبَاءَ، فَأَتَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي الْوَثَاقِ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ؟ فَأَتَاهُ فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: بِمَ أَخَذْتَنِي وَأَخَذْتَ سَابِقَةَ الْحَاجِّ؟ قَالَ: إعْظَامًا لِذَلِكَ أَخَذْتُكَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكَ ثَقِيفَ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَنَادَاهُ: يَا مُحَمَّدُ، يَا مُحَمَّدُ - وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَفِيقًا - فَرَجَعَ إلَيْهِ فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: إنِّي مُسْلِمٌ، قَالَ: لَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَك أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلَاحِ» وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ - قَالُوا: فَإِذَا كَانَ الْمَوْلَى مِنْ الْقَوْمِ، وَالْحَلِيفُ مِنْ الْقَوْمِ - وَهُمْ مَأْخُوذُونَ بِجَرِيرَتِهِ - فَالْعَقْلُ عَلَيْهِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذِهِ الْأَخْبَارُ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ، إلَّا أَنَّهُمْ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا: أَمَّا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ» فَحَقٌّ لَا شَكَّ فِيهِ، وَلَيْسَ كَوْنُهُ مِنْهُمْ مُوجِبًا أَنْ يَعْقِلُوا عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ قَالَ أَيْضًا «ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ» وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُوجِبًا عِنْدَهُمْ أَنْ يَعْقِلُوا عَنْهُ: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى نا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ - هُوَ غُنْدَرٌ - نا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْت قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَنْصَارَ وَقَالَ: أَفِيكُمْ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِكُمْ؟ قَالُوا: لَا، إلَّا ابْنَ أُخْتٍ لَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ ابْنَ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ» أَنْ يَكُونَ مُوجِبًا لَأَنْ يَعْقِلَ عَنْهُمْ، أَوْ يَعْقِلُوا عَنْهُ إذْ لَا يَقْتَضِي قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ» أَنْ يَعْقِلُوا عَنْهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِلْعُقَيْلِيِّ «أَخَذْتُكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute