للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بُرْهَانُ ذَلِكَ: مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ مِنْ شَكِّ جَابِرٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي ابْنِ أُبَيٍّ بِعَيْنِهِ صَاحِبِ هَذِهِ الْقِصَّةِ.

وَكَذَلِكَ الْخَبَرُ عَنْ جَابِرٍ إذْ «قَالَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ - يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ» فَلَيْسَ فِي هَذَا دَلِيلٌ أَنَّهُ حِينَئِذٍ مُنَافِقٌ، لَكِنَّهُ قَدْ كَانَ نَافَقَ بِلَا شَكٍّ وَقَدْ قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِثْلَ هَذَا فِي مُؤْمِنٍ بَرِئَ مِنْ النِّفَاقِ جُمْلَةً - وَهُوَ حَاطِبُ بْنُ بَلْتَعَةَ - وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - «دَعْهُ لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ» دَلِيلٌ بَيِّنٌ عَلَى تَحْرِيمِ دَمِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - " دَعْهُ " وَهُوَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْمُرَ بِأَنْ يَدَعَ النَّاسُ فَرْضًا وَاجِبًا.

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ» بَيَانٌ جَلِيٌّ بِظَاهِرِ لَفْظِهِ، مَقْطُوعٌ عَلَى غَيْبَةٍ بِصِحَّةِ بَاطِنٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ مِنْ جُمْلَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بِظَاهِرِ إسْلَامِهِ، وَأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الصَّحَابَةِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ لَهُمْ حُكْمُ الْإِسْلَامِ، وَاَلَّذِينَ حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى دِمَاءَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا؟ وَبِيَقِينٍ نَدْرِي أَنَّهُ لَوْ حَلَّ دَمُ ابْنِ أُبَيٍّ لَمَا حَابَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ لَمَا ضَيَّعَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؟ وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَقْتُلُ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَدْ كَفَرَ، وَحَلَّ دَمُهُ وَمَالُهُ، لِنِسْبَتِهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبَاطِلَ، وَمُخَالَفَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَاَللَّهِ: لَقَدْ قَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْحَابَهُ الْفُضَلَاءَ الْمَقْطُوعَ لَهُمْ بِالْإِيمَانِ وَالْجَنَّةِ، إذْ وَجَبَ عَلَيْهِمْ الْقَتْلُ، كَمَاعِزٍ، وَالْغَامِدِيَّةِ، وَالْجُهَيْنِيَّةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَمِنْ الْبَاطِلِ الْمُتَيَقَّنِ، وَالضَّلَالِ الْبَحْتِ، وَالْفُسُوقِ الْمُجَرَّدِ: بَلْ مِنْ الْكُفْرِ الصَّرِيحِ: أَنْ يَعْتَقِدَ، أَوْ يَظُنَّ - مَنْ هُوَ مُسْلِمٌ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يَقْتُلُ مُسْلِمِينَ فَاضِلِينَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْ أَصْحَابِهِ أَشْنَعَ قِتْلَةً بِالْحِجَارَةِ، وَيَقْتُلُ الْحَارِثَ بْنَ سُوَيْد الْأَنْصَارِيَّ قِصَاصًا بِالْمُجَدَّرِ بْنِ خِيَارٍ الْبَلَوِيِّ بِعِلْمِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - دُونَ أَنْ يَعْلَمَ ذَلِكَ أَحَدٌ، وَالْمَرْأَةَ الَّتِي أَمَرَ أُنَيْسًا بِرَجْمِهَا، إنْ اعْتَرَفَتْ.

وَبِقَطْعِ يَدِ الْمَخْزُومِيَّةِ - وَيَقُولُ «لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةُ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>