يَجِدْهُ، وَأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: لَوْ قُتِلَ لَمْ يَخْتَلِفْ مِنْ أُمَّتِي اثْنَانِ» وَهَذَا لَا يَصِحُّ أَصْلًا، وَلَا وَجْهَ لِلِاشْتِغَالِ بِهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَمَّارٍ «فِي أُمَّتِي اثْنَا عَشَرَ مُنَافِقًا» فَلَيْسَ فِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عَرَفَهُمْ بِأَعْيَانِهِمْ وَهُوَ إخْبَارٌ بِصِفَةٍ عَنْ عَدَدٍ فَقَطْ لَيْسَ فِيهِمْ بَيَانُ أَنَّهُمْ عُرِفُوا بِأَسْمَائِهِمْ فَسَقَطَ التَّعَلُّقُ بِهَذَا الْخَبَرِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ فَإِنَّنَا قَدْ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ قَاسِمِ بْنِ أَصْبَغَ نا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ نا أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ.
وَقَالَ سُفْيَانُ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يُسَمِّ عَنْ أَبِيهِ: أَرَاهُ عِيَاضُ بْنُ عِيَاضٍ، فَقَدْ أَخْبَرَ أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ سُفْيَانَ: أَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ.
ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ، لِأَنَّهُمْ قَدْ انْكَشَفُوا وَاشْتَهَرَ أَمْرُهُمْ، فَلَيْسُوا مُنَافِقِينَ، بَلْ هُمْ مُجَاهِرُونَ فَلَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ لَا ثَالِثَ لَهُمَا: إمَّا أَنْ يَكُونُوا تَابُوا فَحُقِنَتْ دِمَاؤُهُمْ بِذَلِكَ، وَإِمَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَتُوبُوا فَهُوَ مِمَّا تَعَلَّقَ بِهِ مَنْ لَا يَرَى قَتْلَ الْمُرْتَدِّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّهُمْ لَيْسُوا مَأْمُونِينَ مِنْ الْعَذَابِ وَهَذَا مَا لَا شَكَّ فِيهِ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عَرَفَ كُفْرَهُمْ.
وَأَمَّا حَدِيثُ حُذَيْفَةَ فَسَاقِطٌ، لِأَنَّهُ مِنْ طَرِيقِ الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ - وَهُوَ هَالِكٌ - وَلَا نَرَاهُ يَعْلَمُ مَنْ وَضَعَ الْحَدِيثَ فَإِنَّهُ قَدْ رَوَى أَخْبَارًا فِيهَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَطَلْحَةَ، وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَرَادُوا قَتْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَإِلْقَاءَهُ مِنْ الْعَقَبَةِ فِي تَبُوكَ - وَهَذَا هُوَ الْكَذِبُ الْمَوْضُوعُ الَّذِي يَطْعَنُ اللَّهُ تَعَالَى وَاضِعَهُ - فَسَقَطَ التَّعَلُّقُ بِهِ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَرَاوِيه أَبُو سُفْيَانَ طَلْحَةُ بْنُ نَافِعٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَتْ فِيهِ حُجَّةٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا هُبُوبُ الرِّيحِ لِمَوْتِ عَظِيمٍ مِنْ عُظَمَاءِ الْمُنَافِقِينَ، فَإِنَّمَا فِي هَذَا انْكِشَافُ أَمْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَمْ يُوقِنْ قَطُّ، بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِمَ نِفَاقَهُ فِي حَيَاتِهِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْطَعَ بِالظَّنِّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute