وقلة الاحتفال والأكتراث به؛ وإني اقتصرت من عقوبتك على ما أخلقته «١» بنفسك من الإباق «٢» إلى أقاصي بلاد المغرب شريدا عن منزلك وبلدك، فريدا من أهلك وولدك؛ والآخر أنّي علمت أن الوحشة دعتك إلى الانحياز إلى حيث انحزت إليه، فأردت التسكين من نفارك، والطمأنينة من جأشك «٣» ، وعملت على أنك تحنّ إلينا حنين الولد، وتتوق إلى قربنا توقان ذي الرّحم والنّسب؛ فإنّ في رفقنا بك ما يعطفك إلينا، وفي تآخينا إيّاك ما يردّك علينا، ولم يسمع منا سامع في خلاء ولا ملإ انتقاصا بك، ولا غضّا منك؛ ولا قدحا فيك، رقّة عليك، واستتماما لليد عندك، وتأميلا لأن تكون الراجع من تلقاء نفسك، والموفّق بذلك لرشدك وحظّك؛ فأما الآن مع اضطرارك إيّاي إلى ما اضطررتني إليه من الانزعاج نحوك، وحبسك رسلي النافذين بعهد كثير إلى ما قبلك؛ واستعمالك المواربة والخداع فيما يجري عليه تدبيرك. فما أنت بموضع للصّيانة، ولا أهل للإبقاء والمحافظة، بل اللعنة عليك حالّه، والذّمّة منك بريّة، والله طالبك ومؤاخذك بما استعملت من العقوق والقطيعة، والإضاعة لرحم الأبوّة، فعليك من ولد عاقّ شاقّ «٤» لعنة الله ولعنة اللاعنين، والملائكة والناس أجمعين؛ ولا قبل الله لك صرفا ولا عدلا «٥» ، ولا ترك لك منقلبا ترجع إليه، وخذلك خذلان من لا يؤبه له، وأثكلك ولا أمهلك، ولا حاطك ولا حفظك. فو الله لأستعملنّ لعنك في دبر كلّ صلاة، والدعاء عليك في آناء الليل والنهار، والغدوّ والآصال؛ ولأكتبنّ إلى مصر، وأجناد الشامات والثّغور، وقنّسرين، والعواصم، والجزيرة، والحجاز، ومكّة، والمدينة كتبا تقرأ على منابرها فيك، باللّعن لك، والبراءة منك، والدلالة على عقوقك وقطيعتك، يتناقلها