بأتمّ العتاد. وإذا وفّيت النظر حقّه علمت أن الله تعالى قد أصفانا «١» بجلّ الممالك التي ينتفع الأنام بها، وبشرف الأرض المخصوصة بالشّرف كلّه دنيا وآخرة، وتحقّقت أن منزلتنا بما وهبه الله لنا من ذلك فوق كلّ منزلة. والحمد لله وليّ كلّ نعمة.
وسياستنا لهذه الممالك قريبها وبعيدها على عظمها وسعتها بفضل الله علينا وإحسانه إلينا ومعونته لنا وتوفيقه إيّانا كما كتبت إلينا وصحّ عندك من حسن السّيرة، وبما يؤلّف بين قلوب سائر الطّبقات من الأولياء والرعية ويجمعهم على الطاعة واجتماع الكلمة، ويوسعها الأمن والدّعة في المعيشة ويكسبها المودّة والمحبة.
والحمد لله ربّ العالمين أوّلا وآخرا على نعمه التي تفوت عندنا عدد العادّين، وإحصاء المجتهدين، ونشر الناشرين، وقول القائلين، وشكر الشاكرين. ونسأله أن يجعلنا ممن تحدّث بنعمته عليه شكرا لها، ونشرا لما منحه الله منها [ومن رضي اجتهاده في شكرها، ومن أراد الآخرة]«٢» وسعى لها سعيها، وكان سعيه مشكورا، إنه حميد مجيد.
وما كنت أحبّ أن أباهيك بشيء من أمر الدنيا، ولا أتجاوز الاستيفاء لما وهبه الله لنا من شرف الدين الذي كرّمه وأظهره، ووعدنا في عواقبه الغلبة الظاهرة، والقدرة القاهرة، ثم الفوز الأكبر يوم الدّين، لكنك سلكت مسلكا لم يحسن أن نعدل عنه، وقلت قولا لم يسعنا التقصير في جوابه، ومع هذا فإنا لم نقصد بما وصفناه من أمرنا مكاثرتك، ولا اعتمدنا تعيين فضل لنا نعوذ به، إذ نحن نكرم عن ذلك، ونرى أن نكرمك عند محلك ومنزلتك، وما يتّصل بها من حسن سياستك ومذهبك في الخير ومحبّتك لأهله، وإحسانك لمن في يدك من أسرى المسلمين، وعطفك عليهم، وتجاوزك في الإحسان إليهم جميع من تقدّمك من سلفك؛ ومن